- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2022-12-14
جريدة الراية: القمة العربية الصينية في الرياض
مخرجاتها وأهدافها
عقد الرئيس الصيني شي بينغ في الرياض يوم 2022/12/9 قمة صينية عربية بحضور 30 قائد دولة ومنظمة دولية. ويظهر أن الصين تحاول تعزيز حضورها الدولي لتصبح دولة مؤثرة عالميا، وتعزز تجارتها، إذ بلغ التبادل التجاري مع الدول العربية 330 مليار دولار عام 2021. فلعابها يسيل على هذه المنطقة الحيوية، وإذا أضفنا البلاد الإسلامية فإن الرقم سيتضاعف ويغنيها عن الغرب. وتريد الدفاع عن قضاياها الداخلية وضمان استمرار صمت الأنظمة العربية تجاه إجراءاتها التعسفية ضد مسلمي الإيغور.
ولذلك ورد في البيان المشترك للقمة الأمور التالية:
- "تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين والعمل على تعميق التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات، واحترام سيادة الدول وعدم اللجوء للقوة أو التهديد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعمل على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف الدولية. التزام الدول العربية بمبدأ الصين الواحدة ودعم جهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها وأن تايوان جزء لا يتجزأ منها، ودعمها في ملف هونغ كونغ وصيانة أمنها القومي، وتقدير الجهود المهمة المبذولة لرعاية الأقليات في كلا الجانبين العربي والصيني". فهنا تظهر الصين بشكل لا لبس فيه أنها تريد من الدول العربية تأييدها في قضاياها الداخلية، وفي سحقها للمسلمين الذين تضمّن ذكرهم تحت مسمى (الأقليات)، فتأخذ الصين تأييد الدول العربية في إجراءاتها التعسفية بحق المسلمين، وتساوي بين موضوع العرقيات المسحوقة عندها وخاصة المسلمين وبين ما في البلاد العربية، علما أنه لا توجد مشكلة عرقيات في الدول العربية ولا اضطهاد لهم، فهم جزء من الأمة الإسلامية. وتتخذ الشراكة الاستراتيجية والتعاون مع الدول العربية ذريعة لتضمن صمتها وهي تضطهد المسلمين بجانب محاولتها تعزيز وجودها الدولي.
- "التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للشرق الأوسط وإيجاد حل عادل ودائم على أساس حل الدولتين، وتضافر الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حلول سياسية للأزمات الإقليمية وفقا للشرعية الدولية وخاصة في سوريا وليبيا واليمن، وضرورة العمل المشترك على مواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تعمل على أراضيها، ودعم الجهود التي يبذلها لبنان والصومال والسودان لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار ومحاربة الإرهاب". فالصين لسان حالها يقول أرغب في لعب دور في قضايا المنطقة، وعندما تقول بالشرعية الدولية فهي تقبل بالحلول الغربية فلا تطرح حلا آخر، وتتكلم في حل الدولتين الأمريكي وكأنها تستطيع أن تفعل شيئا لتحقيقه، فهي تريد الدخول على الخط لتكون دولة مؤثرة بذريعة إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة. وتركز على محاربة الإرهاب والحركات المتطرفة في أكثر من نقطة في البيان، ويعني ذلك محاربة الإسلام والجماعات الإسلامية، وتتخذ ذلك ذريعة لمحاربة مسلمي الإيغور. والدول العربية تشاركها في ذلك، وهي لا يهمها شأن الإسلام والمسلمين.
- "العمل بكل الجهود على بناء المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، ودعم تحقيق نهضة الأمة لكل منها". فهل يمكن تصور بناء مجتمع عربي صيني والأنظمة والأفكار والمشاعر مختلفة، والشعوب العربية كلها إسلامية تقريبا؟! ونهضة الأمة الإسلامية لا تتحقق إلا بتطبيق مبدئها الإسلامي في دولة. والصين تطبق شيوعيتها في الحكم والسياسة الداخلية، وشعبها غير شيوعي يحكم بالحديد والنار، ولكنها في الاقتصاد والسياسة الخارجية تسير حسب الرأسمالية.
- "مواصلة التشاور السياسي وتواصل الدعم بين الجانبين في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية، وتعزيز التضامن بينهما في المحافل الدولية في القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتشارك في تنفيذ مبادرة الحزام والطريق". فتحاول الصين كسب الدول العربية لتسير معها تحت مسمى التشاور والتضامن وتحقيق مشاريعها كمبادرة الحزام والطريق لتكون دولة مؤثرة عالميا.
- "تكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية واحترام حق الشعوب في اختيار طرقها لتطوير الديمقراطية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية ورفض التدخل في شؤون الدول بذريعة الحفاظ على الديمقراطية، والتعاون في مجال حقوق الإنسان على أساس المساواة والاحترام المتبادل ورفض تسييس قضايا حقوق الإنسان واستخدامها كأداة لممارسة الضغوط على الدول والتدخل في شؤونها الداخلية". فهذه ليست قيماً مشتركة، بل هي أفكار للغرب ويستخدمها للتدخل وفرض هيمنته. والحكام العرب مغيبة عن عقولهم القيم الإسلامية والعمل على نشرها ودعوة الصين والعالم لتبنيها.
- "دعم الجهود لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وأهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل". فالصين كأمريكا وغيرها من الدول النووية ترى أنه يحق لها تملك السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل، ولا يحق للدول العربية ذلك، والتي تقر في البيان بهذا التعسف.
- "تعزيز الحوار بين الحضارات واحترام الثقافات المختلفة ورفض صراع الحضارات، والتأكيد على أن الحضارتين العربية والصينية قدمتا مساهمات فريدة في تقدم الحضارة البشرية". فالصين هدفها الوقوف في وجه الحضارة والثقافة الغربية التي تغزوها وتهدد نظامها الشيوعي، فهي تطرح هذا الموضوع دائما، فتريد تعزيز موقفها بالدول العربية التي لا تقف في وجه الحضارة والثقافة الغربية بل خضعت لها، ولا تعمل على حماية الحضارة والثقافة الإسلامية.
- "عدم إقصاء مصادر الطاقة الرئيسية وإهمال الاستثمار فيها، فيؤدي إلى تحديات للدول النامية". وهذا الأمر يهم الصين حيث يركز الغرب في قمم المناخ الخادعة على إقصاء النفط والفحم وغاز الميثان بذريعة حماية البيئة التي خربها بمصانعه طوال 250 عاما كما اعترف، ليحد من إنتاج الصين الصناعي، ويمنع غيرها من التقدم الصناعي.
وهكذا تحاول الصين تعزيز موقفها في قضايا عديدة لحماية نفسها ولتكون دولة مؤثرة عالميا، والأنظمة العربية منفعلة وليست فاعلة، تقرها في سبيل الحصول على مساعدات، وتتناغم معها في موضوع محاربة الإسلام وحملته، وتقرها في اضطهادها لمسلمي الإيغور. فحق إسقاطها وإقامة صرح دولة الإسلام لتنشر الخير بسيادة الحضارة والثقافة والقيم الإسلامية، ولتعز المسلمين حتى يقول أحد قادتها "لأطأن أرض الصين وأختم ملوكها ولآخذن الجزية"، فيأتي ملك الصين صاغرا ويقدم قطعة أرض من الصين ليدوسها ويعطي الجزية صاغرا ويبعث أولاده ليختمهم القائد المسلم.
بقلم: الأستاذ أسعد منصور
المصدر: جريدة الراية