بيان صحفي حول اختطاف الدبلوماسيين في ليبيا
- نشر في تونس
- قيم الموضوع
- قراءة: 762 مرات
يتعرض المسلمون في كينيا لهجمة شرسة من القوات الأمنية وتتنوع أساليب هذه الهجمة ما بين اغتيالات وتصفية جسدية جبانة موجهة ضد علماء وشخصيات إسلامية بارزة، ومراقبة للمساجد ومضايقات يومية في المدن الساحلية ذات الأغلبية المسلمة. أما في المناطق الأخرى فالهجمة تستهدف المسلمين الكينيين من أصول صومالية وتخلق بيئة عدائية للاجئين الصوماليين في كينيا. هذه الهجمة الأمنية التي تقوم بها السلطات الكينية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع تحت مسمى محاربة الإرهاب وحفظ الأمن وتخليص البلاد من اللاجئين غير الشرعيين روعت الآمنين وحولت المناطق السكنية لثكنات عسكرية. بل وأصبحت الاعتقالات والمداهمات العشوائية للبيوت حدثاً يومياً، حيث تتعمد السلطات الإهانة والضرب والتعنيف، وتنقل من يشتبه بهم لمعسكرات اللاجئين شمال البلاد بالرغم من سوء أحوال هذه المعسكرات، والبعض نقل لها بعد أن ادعت السلطات أن أوراقهم الثبوتية مزورة وقامت بإتلافها على الفور دون دليل. وذكرت الـ هيومن رايتس ووتش أن زيارة لمركز شرطة بانغاني في منطقة إييست لايت ذات الأغلبية الصومالية كشفت عن تكدس المشتبه بهم بالمئات في زنازين أعدت لعشرين شخصاً فقط بحيث لا يجد المقبوض عليهم مكاناً للجلوس أو سبيلاً لقضاء حاجتهم، ثم تُركوا في نفس الزنازين في ظروف غير إنسانية. كما شهد فريق الهيئة الدولية حالات الإساءة والجلد والعنف ضد المقبوض عليهم وابتزاز الشرطة لهم وطلب الرشوة. (الجزيرة 2014/4/12).
بالرغم من أن هذه الإجراءات الأمنية في مجملها ليست بجديدة ولها شواهد في السابق إلا أنها أتت بشكل مكثف وملحوظ في الأسابيع الأخيرة وتزامنت مع تصريحات سياسية تتوعد الإرهابيين وحملات إعلامية عنصرية مضللة ومغرضة تهدف إلى تهييج الرأي العام ضد المسلمين. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الكينية في السابق باستخدام الترهيب وممارسة الانتهاكات "على نطاق واسع" بحق اللاجئين الصوماليين على أراضيها لحملهم على المغادرة. وقالت سارة جاكسون - نائبة المدير الإقليمي في منظمة العفو الدولية - "أن الجو في كينيا - بالنسبة للاجئين الصوماليين - أصبح عدائيا إلى درجة أن الكثير منهم يشعرون بأنهم لا يملكون خيارا سوى العودة إلى الصومال، حيث لا يزال الصراع الدائر في أنحاء البلاد يدمر حياة الناس. وكذلك فإن اللاجئين الصوماليين يواجهون مزيجا من انعدام الأمن والتحرش" (الجزيرة 2014/02/20).
ومن الجدير بالذكر أن وجود اللاجئين الصوماليين في البلاد ليس أمرا جديدا، حيث يعود اندلاع الحرب الأهلية في الصومال إلى عام 1991، إلا أن النظام في كينيا هذه الأيام استغل إعلامياً وجود اللاجئين الصوماليين فيه مدعيا أنه السبب في سوء الأوضاع فيها، واتخذهم النظام كشماعة يعلق عليها أخطاءه ويتنصل عبرها من مسؤوليته عن معالجة المشاكل المستفحلة في البلاد. وقد انشغل أهل كينيا بخطر الإرهاب وملاحقة المشتبه بهم عن المشاكل اليومية وتولد لديهم شعور زائف بالأمن يعزز الروابط اللحظية الهشة التي تقوم عليها كينيا مثل أي دول قُطرية أخرى، فوجود العدو يمنح الدولة قوة ويعزز الحس الوطني.
لم يقتصر الأمر على اللاجئين الصوماليين والمهاجرين غير الشرعيين بل إن العملية الأمنية استهدفت الكينيين من أصل صومالي بشكل ظاهر لا يقبل أي شك. ومن ذلك ما حدث لفرحان محمود شيخ الذي اعتقلته قوات الأمن في 15 نيسان/أبريل على خلفية الاشتباه بكونه لاجئا غير شرعي بالرغم من حمله للهوية الكينية التي تظهر أنه من مواليد وجير في المحافظة الشمالية الشرقية، لكنهم استنكروا عدم معرفته باللغة السواحلية وهو المقيم في العاصمة نيروبي، وقد أمضى فرحان أربعة أيام في استاد كاساران لكرة القدم الذي حولته القوات الكينية لمعتقل يضم آلاف النساء والأطفال والرجال وجرمه الوحيد أنه قروي أمّيّ لا يجيد اللغة السواحيلية. ولم تكن حالته هي الأسوأ من بين الشهادات التي وردت على لسان من تعرضوا للاعتقالات التعسفية الأخيرة التي تقوم بها أجهزة الأمن وتدعي أن المستهدفين هم مشبوهون بالتطرف أو مهاجرون غير شرعيين (ديلي نيشن 20 نيسان/أبريل).
هذا وقد أطلقت السلطات الكينية اسم عملية السلام (Usalama) على هذه العملية الأمنية الأخيرة وقالت أنها لن تنتهي حتى يعم الأمن والسلام ربوع كينيا، ولكن الهيئات الدولية أدانت العملية الأمنية ونوهت الـ هيومن رايتس ووتش وغيرها بكونها مخالفة للقوانين الكينية والمواثيق التي وقعت عليها كينيا، وأنها تتم بشكل منافٍ للإنسانية. ومن ضمن آثار عملية السلام الكينية هذه حالات الابتزاز والرشوة والجلد والاغتصاب لفتيات صغيرات ونساء حوامل وغيرها من شهادات نشرتها الجزيرة في تحقيق مروع أجرته مع ضحايا هذا السلام نشر يوم 2014/4/22. ومن فنون النظام الكيني في محاربة الإرهاب ونشر السلام على سبيل المثال لا الحصر حالة الأخت بيشارو حسن حسين التي اقتحمت القوات غرفتها في نيروبي وساقوها للشاحنة وحين أخبرتهم بصعوبة صعودها للشاحنة كونها ثقيلة وحامل حملوها من الأرض ورموا بها في الشاحنة لتقع فوق المقبوض عليهم وبعدها بقليل أتتها آلام الوضع وباتت تصرخ حتى رق لحالها أحد المارة وأعطى رجال الأمن ما يساوي 14 دولار رشوة لإطلاق سراحها ونقلت للمستشفى في حالة ولادة متعسرة ولا زالت تعاني وجنينها من مضاعفات صحية نتجت عن الحادث. وكذلك حالة المرأة التي وقعت مغشياً عليها بعد تسعة أيام قضتها في ملعب كاساران (معتقل كساران كما يسميه المسلمون) والذي يفتقر للخدمات الصحية ولا يسمح لمن فيه بأبسط الحقوق والذي احتجزت فيه السلطات آلاف البشر بشكل مهين بينما رحَّلت قرابة المائة مباشرة إلى الصومال، وشتت الأسر بين من رُحِّل لكاساران ومخيمات اللاجئين، ومن عاد لمنزله وحيداً، أو ترك وحيداً كالرضيع الذي مات من الجوع في منزله في منطقة إييست لايت بعد أن اعتقل ذووه. كما أدت هذه الحملات لخسارة مالية تقدر بملاين الدولارات للمسلمين في منطقة اييست لايت بينما فر الكثيرون بأموالهم ومصالحهم لدول مجاورة ضاق آخرون من فساد الشرطة الكينية التي باتت تنهج منهج البلاطجة وتأتي لحي إييست لايت في آخر اليوم طلباً للأتاوات من السكان المسلمين وقد أطلق أحد السكان صرخة "أنا أرفض أن أكون صرافاً آليّاً لشرطة فاسدة".
إن الحكومة الكينية تقوم بهذه الإجراءات القمعية والوحشية التي تستهدف المسلمين من أصول صومالية وتنشر حولهم نظرة الريبة والحذر، هذه النظرة السلبية ليست بجديدة بل تعود لقرابة النصف قرن من الزمان. وقد تحولت الأضواء لمنطقة إييست لايت التي يقطنها الكينيون من أصول صومالية وظهر للعيان أن الحكومة تنظر لهم نظرة أمنية متوجسة لا نظرة رعاية، وهي ذات النظرة التي ميزت تاريخ الإقليم الشمالي الشرقي الذي ضمته كينيا إلى أراضيها في 1963. هذا الإقليم الذي ضمته كينيا بتخطيط من المستعمر البريطاني ولم تكترث لنتيجة الاستفتاء الشعبي ورفض أهالي الإقليم المشاركة في حكومة جومو كينياتا التي شكلت عام 1963، بل واعتبرتها خيانة وحركات تمرد وارتكبت بحقها مجازر تتناقل قصصها الأجيال. وقد نهجت الحكومات الكينية المتوالية سياسة تهميش نحو الإقليم الشمالي الشرقي وتجاهلت حاجة سكانه المسلمين حتى بات الفرق بينها وبين باقي المناطق واضحاً، كما تقصدت الحكومات الكينية التأكيد على الفوارق بين سكان البلاد من عرقيات مختلفة محذرة من المسلمين على وجه الخصوص. أي أن معاناة المسلمين مع النظام الكيني مستمرة منذ رحيل المستعمر وكأنها استمرار لعهد الاستعمار وكأنهم لم يتخلصوا من أغلاله واستغلاله ومكره وسياسة فرق تسد.
وربما تكون الإضافة الجديدة هي استغلال الهوس العالمي بمحاربة "الإرهاب" واستغلاله لتبرير سياسات عنصرية وممارسات إقصائية تجاه فئة معينة. وإن الهجمة الجديدة على المسلمين تأتي بدعم مادي سخي وبتدريب من الولايات المتحدة ضمن سياسة دعم كينيا لمحاربة الإرهاب. حتى أصبحت كينيا تتصدر دول المنطقة من حيث الإنفاق على الأمن. فإن كينيا - كما الغرب - تربط بين وجودٍ لقواتها على الأراضي الصومالية وتدخل مستمر لبلورة الأوضاع داخل الصومال من جهة وبين محاربة الإرهاب من جهة أخرى، فقد أصدرت قانون مكافحة الإرهاب الذي يعطي السلطات صلاحيات غير محدودة بعد عام واحد من تدخلها العسكري في الصومال ضمن القوات الأفريقية "الأميصوم". وكلما تمادت السلطات الكينية في غيها كلما ارتعدت فرائصها وأخذت الاحتياطات لتأمين منشآتها لأنها تدرك أن من يطرق على الباب يأتيه الجواب عاجلاً أم آجلاً، فأي أمن خلقت وأي سلام أوجدت؟! إن أمن كينيا لا يهزه من أتى إليها فاراً من حرب تأكل الأخضر واليابس يصر الغرب على أن تستمر ليحصد من ورائها ويضمن نفوذه، أو من مستضعفين هاربين من مجاعات وقحط، كما أن وجود ما يزيد عن 2,5 مليون مسلم من أصل صومالي أغلبهم في المنطقة الشمالية الشرقية التي تقدر بـ 20% من مساحة كينيا لا يهدد أمن البلاد. فهل يعقل أن تستعدي حكومة شريحة كبيرة من الشعب وتنظر لها نظرة أمنية؟ إن ما يتعرض له مسلمو كينيا ينذر بفشل الأنظمة العلمانية وأنها لا تدرك أي معنى لرعاية شؤون المواطنين ولا تملك سوى سياسة القمع والإرهاب تجاه من يخالفها وهذا أمر متكرر في الدول التي تدعي محاربة الإرهاب.
إن المسلمين من أصل صومالي يعانون من محاولة الحكومة فصلهم عن باقي إخوانهم المسلمين والتمييز ضدهم وخلق عداء ضدهم وتجريمهم بالهوية دون بينة أو ما يسمى بالتنميط العنصري Racial Profiling (تحديد نمطي لأوصاف المشتبه بهم) فقد أصبح المهاجر من أصل صومالي (أياً كان هذا الشخص) رمزا للإرهاب والعنف والجريمة تماماً مثلما يحدث مع الجاليات المسلمة في الغرب. يصورون المسلمين من أهل المنطقة إرهابيين بينما المهاجر من أصل أوروبي هو مثال للإيجابية وإنسان مسالم. وتركزت هذه الصورة عبر تناول الإعلام للموضوع وتركيزه على زاوية محددة وأحداث معينة فيما يتجاهل ما يتعرض له الكثيرون بشكل يومي. ولعل هذا التركيز خفف عن حكومة الجوبيلي بعض الضغط الذي تتعرض له بسبب سوء إدارتها للبلاد وسجلها السيئ في الحقوق والحريات، وتجاهلها لمطالب التعويض التي تعود لأحداث العنف في انتخابات 2007 وغيرها من سجلات غير مرضية تلاحقها به الهيئات والمؤسسات المعنية وضحايا تلك الفترة الدموية.
إن العدو الأول لأهل كينيا ليس عرقية معينة أو ديانة معينة، بل هي الرأسمالية وما تفرزه من فساد وانحراف على مختلف الأصعدة، وبالرغم مما تقوم به الحكومة من حملات مفتعلة إلا أنها لن تتمكن من تغيير حقيقة الأوضاع داخل البلاد والتي لخصتها تقارير الفساد، "ورغم أن كينيا هي أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا، وتعد طريقا تجاريا رئيسيا لبقية القارة، إلا أنها ابتليت بالفساد الذي تغلغل في كل شرائح المجتمع، ووفقا لمجموعة الشفافية الدولية فإن كينيا هي في أول القائمة من حيث الدول الأكثر فسادا، تتبعها 19 دولة فقط.". (سي إن إن 2011/02/05). إن هذه الهجمة التي يتوارى وراءها الفاسدون وحملات الإرهاب التي تدعي محاربة الإرهاب هو سلوك فرعوني متميز ونهج قديم لجميع الفراعنة، وإن قهرهم ووعيدهم لعباد الله لن يخلدهم في الأرض أو يذرهم عذاب يومِ عظيم، وإن هذا الفساد ينطبق عليه مثل "النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله". وقد أصبح المسلمون في ظل غياب كيان مركزي يحفظ لهم حقوقهم وهيبتهم فريسة سهلة لوحوش البراري وغنيمة لكل ذئب ماكر وأصبحت الشعوب تعاني من حكم وقمع أنظمة تجسد الإرهاب وتدعيّ محاربته.
﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد
الخبر:
ذكرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بتاريخ 18/ 4/ 2014م خبرا جاء فيه: بدأ سريان نظام عقود صكوك التمويل الإسلامي رقم 45 لسنة 2014، وبموجب النظام، فإن عقود صكوك التمويل الإسلامي تشمل صكوك الإجارة، والمضاربة (المقارضة)، صكوك المرابحة، والمشاركة، والسّلم، وصكوك الاستصناع، وصكوك بيع حق المنفعة، وأي عقد أخر تجيزه الهيئة. وعرف النظام كل عقد من هذه الصكوك بما يتفق وقواعد الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية..
التعليق:
أولاً: يفرح بعض الناس لسماع مثل هذه الأخبار، ويعزو فرحه لأمور منها:
أ. إخفاق القوانين (العقود) السابقة وضعفها وعجزها وعدم مقدرتها على مواكبة عقود الإنسان، وأنها أثبتت إخفاقًا ذريعًا مما اقتضى تغييرها لما سببته من أزمات وضعف وتراخٍ وحجْر على المعاملات الإنسانية.
ب. إعادة الثقة للعقود الإسلامية، وأنها الملاذ والأمان، وقد سبق لبعض دول أوروبا أن طالبت بالتعامل ببعض العقود والمعاملات الإسلامية بعد النجاح الذي حققته بعض المصارف الإسلامية في التعاملات المالية أو أنها خطوة نحو أسلمة العقود... إلى غير ذلك مما يقال.
ثانياً: ولكن المتابع والفقيه الأصولي الرباني وقف موقف المنكر الغاضب والناصح الأمين لأمور أذكر منها:
1. إن المعاملات الإسلامية جزء من نظام الإسلام، وهذا النظام كله منبثق من عقيدة، فلا يؤخذ النظام دون عقيدته، ولا يؤخذ القانون دون قاعدته الفكرية سواء على صعيد أن الحاكمية لله وحده، أو على صعيد أن التقنين للبشر والسيادة للشعب، فإذا ما أردنا تطبيق المعاملات المالية أخذناها كما انبثقت عن عقيدتها قال تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا﴾. أي عقيدة ونظامًا.
2. إن أخذ جزء من النظام وترك أجزاء منه لا يصح لأن أحكام الله تعالى آخذ بعضها برقاب بعض، فلا قيمة لعقود معاملات الصيرفة في ظل الربا، ولا قيمة لعقود الاستصناع في ظل شركات مساهمة بعقود تسمى الإرادة المنفردة. قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾. ونلاحظ هنا في الآية الكريمة أن الله تعالى سمَّى ترك جزء من القرآن كفرًا وليس تركًا حيث قال: (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ وهدد الفاعلين بقوله: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. [البقرة: 85]
ثالثاً: يبدو أن القائمين على المشروع أخذوا النظام الغربي كما هو، ولكنهم ألبسوه ثياب الإسلام، والإسلام منه براء بدليل ما ورد في الخبر:
"بما يتفق وقواعد الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية" بمعنى أنهم أخذوا أحكامًا وعقودًا ومعاملات ليست إسلامية بل متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وما يتفق مع الإسلام وليس الإسلام، أليس احتكامًا للكفر والطاغوت؟ أليس كفرًا؟ فالشيوعية مثلا تحرم الربا فكان حكم تحريم الربا بالتوافق مع الإسلام في النتيجة ويختلف معه في الأصل، وهنا لا بد لنا من الوقوف عند شرطين ذكرهما علماؤنا من اشتراط صحة كون الحكم مقبولا عند الله وهما:
1. الإخلاص فالله لا يقبل أي حكم أو معاملة أو عقد لا إخلاص فيها لله وحده لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾. [البينة: 5] وللحديث: عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
2. أن يكون هذا الحكم أو العقد أو المعاملة من الإسلام، أي منبثقة عن الإسلام عن قاعدته وعقيدته لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». أي أن كل أمر ليس من هدينا وطريقنا فهو مردود، فمن أخذ حكمًا أو عمل عملاً لمصلحة أو بما اتفق عليه قوم، أو متوافق مع ما يسمى الشرعة الدولية لا يكون أخذ بحكم الله، بل أخذ بكفر وطاغوت، والإسلام منه براء.
وأخيرًا: إن الإسلام مبدأ عظيم يستمد عظمته من عظمة مشرعه وهو الله تعالى، فأي جريمة تلحق بنا إن نحن حملنا تبعات سقوط الرأسمالية لنكون مرقعين لها؟ وأي إجرام ارتكبناه بحق ديننا إن جعلناه مطية للغرب الكافر. فالرأسمالية فاسدةٌ عقيدةً ونظامًا، فلا وجه للتقارب أو التعايش ولا الترقيع. بل عليكم أيها المسلمون أن تركلوها بقدمكم إلى وادٍ سحيق. واعملوا لإسلامكم ليقتعد المكانة التي أرادها الله له متمثلاً بكيان سياسي طريقة له، ألا واعلموا أن دينكم لا يقبل القسمة قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. ولا الجزئية قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾. ولا الضعف قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. [المنافقون: 8] ومن أراد منكم أن يقنن مشروعًا فعليه أن يقنن من خلال مصادر التشريع الإسلامي: الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، وليبحث عن قوة الدليل ضمن طريقة الإسلام في الاجتهاد، ودعوا عنكم قانون الغرب وأحكامه. فهذه كتب علمائنا الأوائل لم تذكر لنا في كتب الفقه أحكام القانون الروماني وقواعده، بل إسلامًا خالصًا، وإياكم والآراء الشاذة والأحكام الضعيفة المتوافقة مع الكفر لتطلقوا عليها أحكامًا إسلامية. قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. [المائدة: 50]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان / أبو البراء
الخبر:
تقوم دائرة حرس الحدود الوطنية القرغيزية بزيادة عدد الحرس في الفرق الخاصة على حدود قرغيزستان مع كل من أوزبكستان وطاجيكستان. فقد صرح بذلك رئيس الدائرة راينبيردي دويشينلاييف في اجتماع الكتلة البرلمانية (أتا - جورت) بالقول: (إننا نعزز ونزيد عدد فرق الأمن على الحدود. كما رأينا من النزاعات الأخيرة على الحدود، فرق أمننا قادرة على حماية حدودنا).
في عام 2013، على الحدود مع الجمهوريات المجاورة لقرغيزستان سجلت 43 حالة نزاع.
التعليق:
قرغيزستان وطاجيكستان تشتركان في الحدود على طول أكثر من 900 كم. خط الحدود غالبا ما يمر عبر الطرقات أو على طول المناطق السكنية. ونتيجة لذلك، فإنه غالبا ما يحصل عند السكان المحليين مشاكل في الحصول على المياه والمراعي والطرق. إن الحدود الحديثة لقرغيزستان، وغيرها من الدول في آسيا الوسطى ظهرت مؤخرا. إن شعبيْ قرغيزستان وكازاخستان هم في حقيقتهم بدو، ولذا فإن حدوداً ثابتة ومرسومة هندسيا لم تكن موجودة بينهم، وإنما كانت حدوداً غامضة محددة عن طريق المراعي والمخيمات، ومع مرور الزمن انتقلت العشائر الكبيرة والمؤثرة إلى حياة أكثر استقرار، ولذا بدأت تظهر بعض الرسومات والخطوط العريضة للحدود.
ويمكن تقسيم تاريخ الحدود القرغيزية الحديثة إلى ثلاث مراحل: 1) تحت إشراف الخان الكوكندي حتى منتصف القرن الـ19، عندما غزت قوات الإمبراطورية الروسية آسيا الوسطى.. 2) في أوائل القرن الـ20، بعد ثورة أكتوبر في روسيا عندما جاء البلاشفة إلى السلطة. 3) الحدود منذ عام 1991. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلنت بلدان آسيا الوسطى استقلالها. في كل من الجمهوريات المستقلة جاء إلى السلطة الطغاة، الجشعون والسفاحون. كل واحد منهم يناضل للحفاظ على أراضيه. اتفقوا فيما بينهم وأنشأوا أنواعا متعددة من المنظمات مثل منظمة شنغهاي للتعاون، منظمة معاهدة الأمن الجماعي (او دي كي بي)... وغيرها.
بالنسبة للشعب في قرغيزستان، وكذلك بالنسبة لشعوب الجمهوريات المجاورة، منذ الاستقلال، وهذه الحدود لم تجلب أي شيء مفيد. بدأ الطغاة السفاحون تقسيم المسلمين على أساس وطني لنهب الموارد الطبيعية. وبهذا الشكل تمكنوا من أن يصبحوا أثرياء بسرعة وتخبئة ما نهبوه في بنوك سويسرا، أما عامة الناس فقد ازدادوا فقرا وبؤسا. وعلاوة على ذلك، فقد أصبحوا مثل العبيد للدولة كما في العصور الوسطى، عندما كان السيد يستطيع أن يفعل ما يريد مع الرقيق. لقد أصبح واضحا أن السبب الوحيد لتعزيز هذه الحدود، هو رغبة من هم في السلطة الحفاظ على سلطتهم في البلاد، وعزل أنفسهم عن الطغاة الآخرين الأكثر جشعا لحماية مصالحهم الخاصة. إن الحاكم ببساطة يدافع عن عرشه، وليس عن الشعب والبلاد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الخبر:
وجدت دراسة جديدة في الولايات المتحدة أن فتيات كثيرات ممن تعرضن لاعتداءات جنسية لا يقمن بالإبلاغ عن أعمال العنف الجنسي، وذلك لأنهن يعتبرنها "طبيعية". فقد كشفت مقابلات أجراها مركز الدفاع عن الأطفال بجامعة ماركي مع 100 شابة بين سن الثالثة عشرة والسابعة عشرة أن الفتيات لا يرين أنفسهن ضحايا لأنهن اعتبرن العنف الجنسي الذي لاقينه أمراً طبيعياً. وهذا هو السبب كذلك وراء عدم إبلاغ الشرطة بنحو 60 في المئة من الاعتداءات الجنسية. وذكر التقرير دون مواربة أن الشابات مررن بتجربة أشكالٍ من العنف الجنسي في حياتهن العادية، بما في ذلك المضايقات والإساءات الجنسية ومعاملتهن على أنهن مجرد أشياء تصلح لإشباع الشهوة لا غير. لكنهن يبررنها ويتقبلنها في معظم الأحيان على أنها طبيعية. كما كنّ في شك مما إذا كان أي شيء غير المضاجعة بالإكراه يُعدّ إهانةً أو اغتصاباً. وقد كانت أسباب عدم إبلاغ الفتيات عن أعمال العنف الجنسي كثيرة ومتنوعة. حيث وجدت التحليلات أن الفتيات يصدّقن الخرافة القائلة بأن الرجال "لا يسعهم إلا أن يفعلوا تلك الفعلة"، وأنهم غير قادرين على كبح جماح شهوتهم الجنسية، إضافة إلى خشيتهن من تصنيفهن أو اتهامهن بالمبالغة أو الكذب من قبل السلطات ومن قبل نظيراتهن معاً. ما جعلهن يذوّتن وضعهن (يدمجنه في أنفسهن بحيث يصبح مبدأً هادياً لهن)، ظانّاتٍ أن أي نوع من العنف الجنسي هو شيء يجب تحمّله أو تجاهله أو الالتفاف عليه وتناسيه.
التعليق:
إن هذا التقرير يكشف صراحةً مدى انحطاط القيم الليبرالية الرأسمالية التي تمجّد وترسّخ الحريات الشخصية، ومن ثم تبيح، بل هي تحضّ على، إشباع جميع شهوات الإنسان الجسدية وعلى رأسها الشهوة الجنسية بوصفها مفتاحاً لتحقيق السعادة في الحياة. والقاعدة الرئيسية التي بنيت عليها هذه الأفكار هي أن عقل الإنسان قادر على تمييز ما هو حسن وما هو قبيح، ولذلك فإنه قادر على تمييز ما هو صواب وما هو خطأ، وتمييز ما هو عدل وما هو على النقيض من ذلك. فكان من نتائج الأنظمة التي يضعها الإنسان أن القوي هو الذي يحدد القواعد التي يسير وفقها في تعامله مع الضعفاء ويفرضها عليهم. وحتى لو حاول الأفراد، رجالاً ونساءً، آباءً وأمهاتٍ، ومن بيدهم سلطة، أن يربّوا ويعلّموا الأولاد أن العنف الجنسي غير مقبول، فإن النظام الرأسمالي برمّته سيعمل ضدهم، وذلك من خلال وسائل إعلامه ومن خلال الأعراف التي كرّسها في المجتمع. وما لم يتم استبدال نظام عُلويّ بهذا النظام الرأسمالي، الذي يفرز ويمكّن لهذه القيم التي تختزل الأفراد في شهواتهم الجسدية والجنسية، ذكوراً كانوا أم إناثاً، فإن النساء سيواصلن تبنّي فكرة أن النساء ما هن سوى أشياء وجدت من أجل إشباع شهوة الرجال التي لا سبيل لضبطها والسيطرة عليها.
أما الإسلام فهو نظام عُلويّ أوحى به الخالق، الله سبحانه وتعالى، الذي هو أجلّ وأسمى وأرقى من كل خلقه. وقد عدّ اللهُ سبحانه وتعالى ورسولُه محمد صلى الله عليه وسلم المرأةَ عِرضاً وشرفاً يجب صونه واحترامه. بل إن الإسلام لم يسمح للرجال بالنظر، مجرد النظر، إلى نساء الآخرين. حيث يقول الله جل ثناؤه: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾.
فلا يسمح الإسلام للرجل أن يعتدي على امرأة، حتى لو كان بالكلام، ومجرد لمسها يستدعي عقوبة شديدة. وقد كانت إهانة امرأة واحدة سبباً كافياً عند النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لإجلاء قبيلة كاملة من المدينة المنورة. إن النظام الوحيد الذي تتعرف النساء في ظله على حقوقهن الفعلية ويبقين مصونات ومحترمات، ويقدّم من يتسبب في أية إهانة لهن إلى المحكمة، إنما هو نظام الإسلام، الذي يقيم حياةً إسلامية ويطبق الشرع الإسلامي، والذي أثبت مرات ومرات عبر تاريخه أنه هو الحارس الأمين للمرأة، في كل مراحل حياتها، مهما كان دينها ومهما كان مستواها في المجتمع.
﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم خالد
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الخبر:
وكالات الأنباء - أثناء إجابته على أسئلة مجلة الكويت، أفاد رئيس الجمهورية عبد الله غول أن الوقت قد حان لحديثه مع رئيس الوزراء أردوغان بشأن ترشحه في انتخابات رئاسة الجمهورية. وقد أوضح أنه سيجتمع بأردوغان ويبحث هذه القضية.
التعليق:
بدأت انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستقام في شهر آب/أغسطس القادم تشغل الساحة بشكل كبير. وقد أشعل رئيس الجمهورية عبد الله غول فتيل هذا النقاش في التصريحات التي أدلى بها أثناء زيارته للكويت. حيث بدأت وسائل الصحافة والإعلام مناقشة هوية المرشحين لانتخابات الجمهورية التي ستعقد في آب/أغسطس القادم منذ الآن.
لكن هناك عدة سيناريوهات بهذا الشأن قد شغلت الساحة. منها النقاش حول صيغة بوتين وميدفيديف كما في روسيا. حيث فيها يتحول أردوغان إلى رئاسة الجمهورية ويتحول عبد الله غول إلى رئاسة الوزراء. لكن عبد الله غول قد أفاد سابقا أنه لا ينظر إلى هذه المسألة بحرارة.
أما أردوغان فهو على العكس فقد أظهر بوضوح رغبته في تقلد رئاسة الجمهورية منذ زمن. حتى إنه كان يتلهف كثيرا للجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية في انتخابات 2007. كما أن أردوغان حاليا لأول مرة يظهر بكل وضوح رغبته في أن يكون رئيس الجمهورية الذي سيختاره الشعب. وخصوصا أن خروج أردوغان من الانتخابات المحلية بفوز كبير قد شكل إشارة قوية على تمكن أردوغان من رئاسة الجمهورية. لكن عملية الفساد والرشوة ضد أردوغان نفسه وضد عائلته في 17 و25 كانون الأول/ديسمبر قد وضعت أردوغان في وضع صعب بشأن ترشحه لرئاسة الجمهورية. ففي حال ترشح أردوغان لرئاسة الجمهورية وحصل انخفاض في أصوات حزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة التي ستعقد في 2015، فلن يكون أردوغان في منصب نافذ بما يكفي ليمكنه من حماية نفسه ضد هجمات المعارضة وخصوصا إذا حصلت هجمات جديدة عليه من قبل جماعة فتح الله غولان. كذلك ففي حال استمرار الحظر لثلاث فترات في سلطة حزب العدالة والتنمية، فإن عدم تمكن 70 شخصاً تقريبا من فريق أردوغان من ممارسة السياسة سيشكل سببا لضعف أردوغان.
إن نظام الرئاسة الذي سعى أردوغان لتحقيقه ولكنه لم يفلح بعد، وعدم تمكنه من تحقيق نموذج رئاسة الجمهورية الحزبية أو رئاسة الجمهورية ذات الصلاحيات الواسعة قد شكلت أيضا سببا لبعض الترددات لدى أردوغان. فمهما كانت صلاحيات رئيس الجمهورية حاليا واسعة إلا أنها ليست بالشكل الذي يسعى له أردوغان.
جميع هذه المؤثرات تدل على أن استمرار عبد الله غول في رئاسة الجمهورية واستمرار أردوغان في رئاسة الوزراء هو الاحتمال الأقوى حاليا. إلا أنه لا يمكن استبعاد احتمال ترشح أردوغان لرئاسة الجمهورية أيضا. لكن احتمال بقائه في رئاسة الوزراء لفترة أخرى وجلوسه على كرسي رئاسة الجمهورية بشكل قوي وفعال في الانتخابات اللاحقة هو احتمال أقوى للأسباب التي أوضحناها سابقا. وبإفادة أخرى إذا تمكن أردوغان من النجاح فسيكون أول رئيس لتركيا يجلس على هذا الكرسي.
هناك ما يجب أن لا ننساه وهو ما تخطط له أمريكا فهو أهم عامل بهذا الشأن، فمن الواضح وضوح الشمس أن المرشح أيّاً كان سيحافظ على المصالح الأمريكية في تركيا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يلماز شيلك
قيل بينما الحسن يوما في المسجد تنفس الصعداء، وبكى بكاءا شديدا، حتى ارتعدت ركبتاه، وخنق قلبه، ثم قال: لو أن بالقلوب حياة، لو أن بها صلاحا، لبكت من ليلة صبيحتُها القيامة، أي يوم عباد الله ما سمع الخلائق بيوم أكثر منه عورةً بادية، ولا عينا باكية.
آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه
لأبي الفرج ابن الجوزي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نُحَيِّيْكُمْ جميعاً أيُّها الأحبةُ في كُلِّ مَكَانٍ في حَلْقَةٍ جديدةٍ منْ برنامَجِكُمْ: مَعَ الْحديثِ الشريفِ، ونبدأُ بِخَيْرِ تحيةٍ فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ لَا وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ".
جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله (إِذَا أَتَيْت مَضْجَعك)
أَيْ إِذَا أَرَدْت أَنْ تَضْطَجِع.
قَوْله (فَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ)
الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ. وَلَهُ فَوَائِد: مِنْهَا أَنْ يَبِيت عَلَى طَهَارَة لِئَلَّا يَبْغَتهُ الْمَوْت فَيَكُون عَلَى هَيْئَة كَامِلَة, وَيُؤْخَذ مِنْهُ النَّدْب إِلَى الِاسْتِعْدَاد لِلْمَوْتِ بِطَهَارَةِ الْقَلْب لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ طَهَارَة الْبَدَن.
قَوْله (ثُمَّ اِضْطَجِعْ عَلَى شِقّك)
أَيْ الْجَانِب, وَخَصَّ الْأَيْمَن لِفَوَائِد: مِنْهَا أَنَّهُ أَسْرَع إِلَى الِانْتِبَاه, وَمِنْهَا أَنَّ الْقَلْب مُتَعَلِّق إِلَى جِهَة الْيَمِين فَلَا يَثْقُل بِالنَّوْمِ, وَمِنْهَا قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: هَذِهِ الْهَيْئَة نَصَّ الْأَطِبَّاء عَلَى أَنَّهَا أَصْلَح لِلْبَدَنِ, قَالُوا يَبْدَأ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْجَانِب الْأَيْمَن سَاعَة ثُمَّ يَنْقَلِب إِلَى الْأَيْسَر لِأَنَّ الْأَوَّل سَبَب لِانْحِدَارِ الطَّعَام, وَالنَّوْم عَلَى الْيَسَار يَهْضِم لِاشْتِمَالِ الْكَبِد عَلَى الْمَعِدَة.
قَوْله (وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْت وَجْهِي إِلَيْك)
"أَسْلَمْت نَفْسِي" قِيلَ الْوَجْه وَالنَّفْس هُنَا بِمَعْنَى الذَّات وَالشَّخْص, أَيْ أَسْلَمْت ذَاتِي وَشَخْصِي لَك.
قَوْله (أَسْلَمْت)
أَيْ اِسْتَسْلَمْت وَانْقَدْت, وَالْمَعْنَى جَعَلْت نَفْسِي مُنْقَادَة لَك تَابِعَة لِحُكْمِك إِذْ لَا قُدْرَة لِي عَلَى تَدْبِيرهَا وَلَا عَلَى جَلْب مَا يَنْفَعهَا إِلَيْهَا وَلَا دَفْع مَا يَضُرّهَا عَنْهَا,
وَقَوْله "وَفَوَّضْت أَمْرِي إِلَيْك"
أَيْ تَوَكَّلْت عَلَيْك فِي أَمْرِي كُلّه
وَقَوْله "وَأَلْجَأْت"
أَيْ اِعْتَمَدْت فِي أُمُورِي عَلَيْك لِتُعِينَنِي عَلَى مَا يَنْفَعنِي; لِأَنَّ مَنْ اِسْتَنَدَ إِلَى شَيْء تَقَوَّى بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ, وَخَصَّهُ بِالظَّهْرِ لِأَنَّ الْعَادَة جَرَتْ أَنَّ الْإِنْسَان يَعْتَمِد بِظَهْرِهِ إِلَى مَا يَسْتَنِد إِلَيْهِ,
وَقَوْله "رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك"
أَيْ رَغْبَة فِي رَفْدك وَثَوَابك "وَرَهْبَة" أَيْ خَوْفًا مِنْ غَضَبك وَمِنْ عِقَابك.
قَوْله (لَا مَلْجَأ وَلَا مَنْجَى مِنْك إِلَّا إِلَيْك)
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِي نَظْم هَذَا الذِّكْر عَجَائِب لَا يَعْرِفهَا إِلَّا الْمُتْقِن مِنْ أَهْل الْبَيَان, فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ "أَسْلَمْت نَفْسِي" إِلَى أَنَّ جَوَارِحه مُنْقَادَة لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَوَامِره وَنَوَاهِيه, وَبِقَوْلِهِ "وَجَّهْت وَجْهِي" إِلَى أَنَّ ذَاته مُخْلِصَة لَهُ بَرِيئَة مِنْ النِّفَاق, وَبِقَوْلِهِ "فَوَّضْت أَمْرِي" إِلَى أَنَّ أُمُوره الْخَارِجَة وَالدَّاخِلَة مُفَوَّضَة إِلَيْهِ لَا مُدَبِّر لَهَا غَيْره, وَبِقَوْلِهِ "أَلْجَأْت ظَهْرِي" إِلَى أَنَّهُ بَعْد التَّفْوِيض يَلْتَجِئ إِلَيْهِ مِمَّا يَضُرّهُ وَيُؤْذِيه مِنْ الْأَسْبَاب كُلّهَا. قَالَ: وَقَوْله رَغْبَة وَرَهْبَة مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَفْعُول لَهُ عَلَى طَرِيق اللَّفّ وَالنَّشْر, أَيْ فَوَّضْت أُمُورِي إِلَيْك رَغْبَة وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إِلَيْك رَهْبَة.
قَوْله (آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت)
يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الْقُرْآن, وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد اِسْم الْجِنْس فَيَشْمَل كُلّ كِتَاب أُنْزِلَ.
قَوْله (فَإِنْ مُتّ مُتّ عَلَى الْفِطْرَة)
قَالَ اِبْن بَطَّال وَجَمَاعَة: الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ هُنَا دِين الْإِسْلَام
في ضوء هذا الحديث الشريف، لا بد من لفت النظر إلى النقاط التالية:
أولا: يجب أن نحث أنفسنا على العمل بهذا الحديث الشريف ولزوم الدعاء عند النوم.
ثانيا: مداومة محاسبة النفس قبل النوم والتعود على ذلك. وقد كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ.
ثالثا: دعاؤنا (اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ...) يجب أن لا يكون دعاؤنا هذا كلمات فقط ننطق بها دون أن يتجاوز حناجرنا. بل يجب أن نكون صادقين مع الله سبحانه فيما نقول. فنكون بحق أسلمنا أنفسنا لله سبحانه، عاملين بقوله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، فشتان بين من يعيش على الإسلام وبين من يعيش بالإسلام وبين من يعيش للإسلام.
وإلى حينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حديثٍ نبويٍ آخَرَ نتركُكُمْ في رِعَايَةِ اللهِ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ