خطبة جمعة - لا حل لمشكلاتنا إلا بالإسلام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول المولى سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة 49- 50).
أيها المسلمون: طالما نحن بشر نعيش في هذه البسيطة فستنشأ المشكلات التي تحتاج إلى حل، والقضايا التي تحتاج إلى أحكام، والعلاقات التي لا بد لها من تنظيم،، وقد كفانا الله سبحانه بأحكام الإسلام التي هي سبب السعادة
وهي الحل الوحيد الصحيح للمشكلات، وقد ذم المولى سبحانه كل من يحتكم إلى حكم الجاهلية وكل من يحتكم إلى الطاغوت فسماه زاعماً للإيمان؛ أي مدعياً ادعاءً كاذباً. وذكّرنا المولى سبحانه بأنه لا حكم على حكم المولى سبحانه فهو أحكم الحاكمين، قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا} (النساء 60)، وقال سبحانه: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (التين 7-8)، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء 65).
أيها المسلمون: تحيط بالأمة مشكلات جسام منها الأزمة الاقتصادية العالمية، ومشكلة احتلال فلسطين والعراق وغيرها من بلاد المسلمين ومشكلة دارفور ومشكلة المحكمة الجنائية التي تريد توقيف رئيس السودان، هذه بعض المشكلات التي تحيط بالأمة الإسلامية، وطالما أنها مشكلات فلا بد وأن لها حلاً، ولكن الحل الصحيح الوحيد لا يكون إلا بالإسلام، والحل الذي يرضي الله سبحانه وحده لا بد أن يكون من شرع الله الحنيف دون سواه، فالله لا يقبل ولا يرضى أن يكون له شريك في حكمه.
أيها المسلمون: نجد أنه قبل ستين سنة أُقيمت منظمة جامعة الدول العربية كمنظمة اقليمية اعترفت بها الأمم المتحدة، وهذه المنظمة تجعل شرعة الأمم المتحدة هي شرعتها، ومنذ أن انشئت هذه الجامعة لم تحل ولا مشكلة واحدة من قضايا البلاد الناطقة بالعربية، بل عقّدت الكثير منها، ولكن نجد أن كثيراً من ابناء المسلمين ما زالوا يعولون عليها باعتبارها واقعاً ماثلاً للأمة، فلرب قائل يقول (العوار ولا العمى)، راضياً بالواقع وإن كان يخالف عقيدتنا التي نؤمن وندين لله بها. ولننظر إلى القمة الأخيرة التي عُقدت يومي الأحد والاثنين الماضيين، هل حلّت مشكلات الأمة الإسلامية؟
أيها المسلمون: إن هناك فرق بين الأمة الإسلامية والأمة العربية، لأن العربية هي قومية لا تجعل الإسلام أساساً لحل قضاياها بل العصبية العربية هي الأساس، وهي ليس لها نظام ينبثق عنها، لأن العربية ليست نظاماً بل هي فكرة مبهمة تأخذ معالجاتها من الواقع الفاسد، فنجد أن هذه المنظمة عندما تؤسس لبحث أي مشكلة تجعل سندها الأعراف والتقاليد والشرعة الدولية وليس الإسلام، وفي هذه القمة الأخيرة في اعلان الدوحة ذكر ما يلي: ( ... وصون سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وقدراتها، ومراعاة نظمها السياسية وفقاً لدساتيرها وقوانينها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية)، وفي ذلك نجد أنها تكرس لما يريده الكفار من الأمة من تمزيق على أساس الوطنية، فلا ينصر المسلمون بعضهم بعضا عن طريق الجيوش، فلا نصروا فلسطين ولا العراق، وعندما ذبح صدام حسين في العراق لم يطلق النظام العربي المتمثل في هذه الجامعة ولا كلمة، والآن إذا قام الكفار المتنفذين في العالم بأي عمل في أي بلد إسلامي وقبضوا على حاكمه، فلن ينصروه بالجيوش، لأن ذلك حرام في دين الجامعة، الذي هو بعيد عن الإسلام. وقالوا عن فلسطين: (... وإدانتنا الحازمة للعدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة...). هذه هي المواقف، إدانة، واستنكار، وشجب، أما نصر الإسلام والمسلمين أبعد ما يكون.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء، أما بعد.
أيها المسلمون: فكذلك جاء في إعلان الدوحة (... نؤكد على ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي في إطار الشرعية الدولية ...) وجا أيضاً: ( ... نطالب المجتمع الدولي بالعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل، وخاصة الأسلحة النووية واتخاذ خطوات نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط). نعم وصل الهوان إلى هذه الدرجة باعتبار إسرائيل دولة شرعية بشرعية الأمم المتحدة، والمجاهرة بالاحتكام إلى هؤلاء الظالمين الكفار، وجعلهم آلهة من دون رب العالمين سبحانه وتعالى عنهم علواً كبيراً، وكذلك مساعدة الغرب الكافر على منع إنشاء مصانع للسلاح النووي مع أن بلادهم عامرة بهذه الأسلحة (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، وروسيا، وغيرها من الدول الكبرى)، وكانت هذه دعوة مباشرة للكفار أن يعملوا على استعمارنا واضعافنا.
أيها المسلمون: إن هذه المهازل التي تحدث سيسألنا الله عز وجل عنها، فديننا يأمرنا أن نعيش بالإسلام بعقيدته وأحكامه، فلا شرعة نحتكم إليها إلا شريعة الإسلام، وقد فصّل الإسلام لنا هذا الواجب، بأن جعل النظام الذي يكون لحكم الأمة هو نظام الخلافة وليس جامعة الدول العربية التي لا يجوز أن تكون بديلاً لنظام الحكم في الإسلام، والذي اتضح أنه أنشئ ليكرّس التمزيق والصراع داخل الأمة، فنجد حكام المسلمين يتصارعون داخل قبته فيصفون بعضهم بالعمالة والارتزاق كما فعل القذافي في المؤتمر الأخير عندما وصف ملك السعودية بأنه بريطاني تحول إلى أمريكا في العمالة وأمام الملأ، نعم هذا حالهم.
فبالتالي لا حل لمشاكلنا إلا بالإسلام الذي يعز أهله ويذل أعدائه. فهذا أحد بني هاشم ذهب إلى بلاد الروم وهو يتاجر في البسط فصفعه بطريق من بطارقة الروم، فقال الهاشمي: (لقد ضيّعتنا يا معاوية) وصل هذا الحدث وهذا الكلام إلى خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان فأرسل سفينة فيها أروع البسط إلى تلك المدينة التي صُفع فيها هذا المسلم، وتم استدارج ذلك البطريق إلى السفينة لمشاهدة البسط وتم أسره إلى خليفة المسلمين، وهناك دعى خليفة المسلمين الهاشمي وأهدى البساط إلى البطريق وبسطه له وطلب منه أن يقف عليه، وبعد ذلك أمر المسلم بأن يقتص ولا يزيد، ثم أرجع البطريق ومعه البساط. نعم هكذا كان المسلمون في ظل تطبيق أحكام الإسلام، ولا حل لمشكلاتنا إلا به.