خطبة جمعة عداوة أمريكا للمسلمين لا تتغير بتغير الرؤساء!!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول المولى سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) ) الممتحنة.
بيّن الإمام القرطبي عن سبب نزول هاتين الآيتين الكريمتين بأنهما نزلتا في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه عندما أرسل كتاباً مع امرأة لقريش بيّن لهم فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قادمٌ إليهم بجيش عظيم، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم علياً كرم الله وجهه وبعض الصحابة فأنتزعوا منها ذلك الخطاب فنزلت الآيات الكريمات وسورة الممتحنة، وهاتان الآيتان تحرمان على المؤمنين إتخاذ الكافرين أولياء وقد قال القرطبي رحمه الله: ( السورة - أي سورة الممتحنة- أصل في النهي عن موالاة الكفار وقد مضى ذلك في غير موضع. ومن ذلك قوله تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) 28- آل عمران، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) 118- آل عمران، وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) ) المائدة، ومثله كثير).
أيها المسلمون: بعد كل هذه الآيات الواضحات نجد أن الناس في العالم الإسلامي يهرولون خلف الكفار ويذكرون حججاً للمسارعة فيهم، وهنا في السودان مسارعة لإستمرار العلاقة مع أمريكا وتصوير أن هناك صراعاً ومفاوضات، وتجري الأقلام والتصريحات التي تصف أوباما بأنه أفضل من سلفه بوش لدرجة أن رئيس مجلس صحيفة يومية يقول: " إن المبعوث الأمريكي الجديد جرايتشن -الذي زار السودان في الأسبوع الماضي- افضل من المبعوث السابق على الأقل فهو يبتسم والذي قبله لم يكن يبتسم وهو متكبر ومتجهم".
كيف يستقيم عقلاً أن نقول إن أوروبا وأمريكا لهم أجندة في السودان أو أنهم ضد العالم الإسلامي؟ ومع ذلك نجد المسارعة فيهم، فيقول مسؤول وزارة الخارجية "إن زيارة وفد الكونجرس إلى السودان مهمة وتاريخية، نعم هو يعتبر أن زيارة الوفد مهمة للوقوف على أوضاع السودان ولوضع الخطط والقرارات لحل مشاكل المسلمين في السودان ويبدأ هذا الوفد - برئاسة جون كيري- زيارته بمقابلة المسؤولين ومن ثم زيارة شمال دارفور، وقد لاقي المسؤولون الأمريكيون ثناءً كبيراً من الدولة حيث أشادت الدولة برسائل أوباما للسودان التي أرسلها في مناسبات مختلفة بإحترامه للإسلام والمسلمين والعرب. فهل الإبتسامة والكلام المعسول يدل على عدم عداوة الكافر المستعمر لنا؟ فإذا سألنا المولى سبحانه وتعالى لماذا نواليهم ونفتح لهم أبواب البلاد، بل و نعدهم ونسمح لهم من جديد أن يدخلوا منظماتهم، وليس أمريكا فقط العدو الأول للمسلمين في العالم بل فرنسا التي لعبت دوراً كبيراً في إستصدار قرار الجنائية ضد رئيس البلاد، فقد أوردت صحيفة الأحداث في عددها الأربعاء الماضي أن الحكومة توافق على دخول منظمات أمريكية وفق شروط محددة وكذلك أن وفداً سيسافر إلى فرنسا وسيعرض مقترحات على فرنسا بإمكانية قبول وكالات جديدة تحل مكان المنظمات الفرنسية المطرودة.
أيها المسلمون: ما الذي يجعلنا نسمح بدخولهم رغم علمنا أنهم ألد الأعداء؟ فماذا ستكون إجابتنا لله سبحانه وتعالى؟ وقد منعنا الشرع من فتح الباب لهم ليتدخلوا في أمورونا، فهل يقول قائل منّا أن حل مشكلاتنا بأيدي هؤلاء الكافرين؟ هل الحل بأيديهم؟ هل يقول أحدنا ذلك؟ أم أنهم هم سبب مشكلاتنا؛ عندما أوجدوا الفتن والقلاقل، أليست أمريكا هي من أشعلت التمرد في الجنوب ودعمته حتى أوصلت المتمردين إلى حكم المسلمين. أليست فرنسا وبريطانيا من أججوا مشكلة دارفور وكلهم لديهم أطماع إستعمارية؟ إذن فلا حجة أمام الله، وحاطب بن أبي بلتعة طلب عمر الفاروق رضي الله عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعه ليضرب عنقه. فكان عفو النبي صلى الله عليه وسلم عنه لا لأن الجرم لا يستحق العقاب وإنما لأنه شهد بدراً.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجبا وبعد:
أيها المسلمون: إن عداوة الكفار لنا والتي أثبتها الشرع لا تخفى على عباد الله المؤمنين، فليس غريباً ولا عجيباً أن يأتي أوباما بالمغالطة والتضليل، فيقول إنه ليس في حالة حرب مع الإسلام والمسلمين ، في الوقت الذي هو فيه يقتل المسلمين بوحشية في العراق وأفغانستان وباكستان، في حرب عدوانية شرسة يشهدها كل ذي عينين، بل حتى من ليس له عينين، تقرع آذانه صباح مساء ...، ليس غريباً ولا عجيباً ذلك، فهذا ديدن الكفار المستعمرين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، فهم لا يعدُّون قتل المسلمين قتلاً، ولا الفتك بهم فتكاً، بل هو تدريب على السلاح في صدور المسلمين. لكن الغريب العجيب أن يعرج أوباما بتلك التصريحات في رسائله للسودان والتي قد قالها نفسها في إسطنبول آخر عاصمة للخلافة ولكن العجيب أن لا يضج المسلمون في وجهه وهو يقتل المسلمين في نفس لحظة الخطاب وفي نفس لحظة إرسال المبعوثين والوفود الإستعمارية والرسائل. يشيدون بأوباما ويصفقون له، مع أن أوباما وبوش وجهان لعملة واحدة، لا يختلفان في شئ من حيث الكيد للإسلام والمسلمين، سوى أن بوش كان يقدِّم للمنطقة السم مكشوفاً، فيكسب عداوة الأمة، أما أوباما فيقدم للمنطقة سماً يحيطه بدسم حتى يخدع الأمة ويهرول وراءه الذين لا يسمعون القرآن ولا يعملون به، بل يعملون على تنفيذ كل ما يطلبه الأعداء ويتنازلون عن كل القيم لهم.
أيها المسلمون: إن الأمة الإسلامية أمة حية، وهي لابد عائدة بإذن الله تقتعد مكانتها في قيادة العالم وصدارته، ولكن الذي يحول بيننا وبين ذلك هو الركون لهؤلاء الكافرين والسماع لهم وتمكينهم منّا وتدخلهم في شئوننا وسلب خيارتنا وفتننا في بعضنا. والذي يرفع ذلك ويمنعه تطبيق شرع الله؛ تطبيق كتاب الله وسنة نبيه بمبايعة إمام للمسلمين يُنسي هؤلاء الكافرين وساوس الشيطان(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)( الصف).