بسم الله الرحمن الرحيم
﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾
هؤلاء هم يهود منذ بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ثم خيبر؛ مردوا على الغش والخداع والفسق والفجور والجبن والذلة، وصدق الله ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾، وقد قطعوا حبل الله ولم يبق لهم إلا الناس من دول الكفر وأهل النفاق، وخونة الحكام في بلاد المسلمين!
إن شباباً أفراداً يقتحمون حصون يهود على دراجات نارية بل وعلى أرجلهم فيستولون على مدرعات يهود ويقتلونهم ويأسرونهم في الوقت الذي فيه أولئك مدججون بالسلاح والمدرعات، وهؤلاء أفراد بأسلحتهم الفردية، وبقلوبهم وعقولهم يضربون منهم كل بنان! لا يخشونهم بل يكبرون ولا يفترون، وهم إلى نصر في الدنيا يتطلعون، وفي الآخرة إلى روضة جنات فيها يحبرون.. فهنيئاً لهم في الدارين نصر من الله وفتح قريب ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
أما الذي يدمي القلب فالحكام الرويبضات في بلاد المسلمين، وخاصة الذين حول فلسطين، فكأنهم لا يرون ولا يسمعون ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾، إنهم حولهم لا يكادون يبصرونهم كأن الأرض المباركة لا تعنيهم بل هم كأنهم طرف محايد يرقبون ما يحدث، وكأنه في بلاد الواق واق، وليس في ثالث المسجدين وأولى القبلتين! ألا ساء ما يحكمون.
فكيف لو هؤلاء الحكام اقتحموا حدودهم مع فلسطين ونصروا إخوانهم الذين يقاتلون بأجسادهم وبسلاحهم الذي لا يصل إلى جزء من جزء من أسلحة عدوهم؟! كيف تطيق الجيوش المسلمة أن تبقى صامتة ساكنة وهم يشهدون القتال في فلسطين ومع أهل فلسطين؟! كيف يمتنعون عن نصرة أهل فلسطين، الأرض المباركة، مسرى الرسول ﷺ ومعراجه؟! ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله﴾. كيف يمتثلون لأمر أولئك الحكام الخونة العملاء؟! فهل تنفعهم طاعة سادتهم في الذل والهوان أمام من ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، الذين احتلوا فلسطين الأرض المباركة بمساعدة من هؤلاء الحكام العملاء؟! ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً﴾.
إننا ندرك أن ترك أهل فلسطين يقاتلون وحدهم يهود دون أن تصحبهم بل تتقدمهم جيوش المسلمين فإن النصر الذي نريد بتحرير فلسطين من رجس يهود وإزالة كيانهم، هذا النصر لن يتحقق إلا بأن تحطمنهم جيوش المسلمين، تقودهم دولة مخلصة فتحقق الفتح المبين.
ومع كل هذا وذاك فإن هؤلاء الرويبضات سيزولون ودولة الإسلام، الخلافة الراشدة، عائدة بإذن الله، وقتال يهود وإزالة احتلالهم كائن بإذن الله، فقد قال الصادق المصدوق ﷺ في مسند أحمد عن حذيفة: «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» وكذلك أخرج البخاري عن عبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» وأيضاً أخرجه مسلم بلفظ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ» ومن ثَم تشرق الأرض بنصر الله القوي العزيز الحكيم.
إننا نسأل الله لشهداء فلسطين جنات الفردوس الأعلى وللجرحى والمصابين شفاء تاماً لا يترك سقما.. كما نسأله سبحانه أن لا ينجح حكام المسلمين العملاء وأتباعهم من الجماعات الضالة، لا ينجح كل هؤلاء في حرف نتائج القتال من نصر إلى هزيمة، ومن تحطيم كيان يهود إلى تثبيت أقدامه، ومن فتح مبين إلى انحراف نحو الشمال واليمين! بل يتحقق قوله تعالى عن يهود: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾.
التاريخ الهجري :23 من ربيع الاول 1445هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 08 تشرين الأول/أكتوبر 2023م
حزب التحرير