خبر وتعليق ما هكذا تسن القوانين يا محمد السادس!!
- نشر في خبر وتعليق
- كٌن أول من يعلق!
الخبر:
يشهد المغرب منذ فترة جدلًا حادًا متصاعدًا حول تقنين الإجهاض؛ بدأ ذلك بعد مطالبة سياسيين وجمعيات نسوية بسن قانون يبيحه للحد من المعدّلات المفزعة للإجهاض السري والتي أعلنت دراسات جمعوية أنّها تتراوح بين 600 و800 حالة يوميًا!! انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض وبين طرف ثالث يرى ضرورة إباحة الإجهاض في حالات مخصوصة؛ واحتدم النقاش العام بين الجميع؛ حتّى تدخلّ الملك محمد السادس لفض النزاع وكلف مجموعةً من المسؤولين بتدارس الأمر وإجراء لقاءات واستشارات موسعة وجمع الاقتراحات من الكل ورفعها إليه من أجل صياغة نص قانوني فيه مقاربةً تجمع بين الديني والحقوقي والإنساني حسب زعمه!!!
التعليق:
هل يمكن حقًا الجمع بين منظومة الأحكام الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة والثابتة والواضحة وبين المنظومة الحقوقية والإنسانية كما يزعم محمد السادس؟!! أم أنّ الغاية من دعواه تلك هي تلبيس الحق بالباطل والادعاء زورًا بعدم تعارض ما يزمع سنه من قانون ينظم الإجهاض مع أحكام الشرع؟؟
إنّ الله لم يترك للبشر سن الأحكام والقوانين وفق أهوائهم فهو قد جعل لهم الدين منهاج حياة يتضمن أحكامًا شرعيةً تشغل كل المساحات وتشمل تفصيل التفاصيل؛ وآلية أخذ تلك الأحكام مخصوصة ومعلومة فبالاجتهاد وحده يُنظر في مصادر التشريع ويُحدد مناط الأحكام وتُنزل عليه. وهذا أمر متعارض تعارضا كليًّا مع فكرة الحريات العامة ومنظومة حقوق الإنسان المستمدة من الحضارة الغربية.
إن الأخذ من الإسلام يقتضي الاحتكام إليه يقول تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ وهو ما يعني وجوب العودة إلى الحكم الشرعي في كل الأمور دون سواه وفض النزاعات بالتزام ما يقضي به الشرع والتسليم به.
وبناء على ذلك فالأصل أن يفضّ الجدال المحتدم في المغرب بالتزام الحكم الشرعي في الإجهاض لا بإيجاد مقاربة ترضي الجميع لأغراض سياسية. بل الواجب على محمد السادس ومن يقوم معه على السلطة أن يردّ الأمور إلى نصابها فيسنّ القوانين التي تحرّم ما حرّم الله وتحلّ ما أحلّ فيلغي النظام الملكي المتنكب عن شرع الإسلام؛ ذاك النظام الذي جعل طراز العيش في المغرب طرازًا غربيًا قلبًا وقالبًا بإحلال السفور والاختلاط والتبرج والدعارة والخمور فكانت النتيجة اكتواء الناس بسعار الجنس وبآهات وويلات الفلسفة الغربية في الحياة القائمة على الحريات والمتع.
وإنّ تفشي الإجهاض السري في المغرب بمعدلاته المفزعة ما كان ليكون لولا تفشي الزنا والمعاشرة خارج إطار الزواج نتيجة عدم تطبيق العقوبة الشرعية على الذين يشيعون الفاحشة وغياب القيم والأخلاق الإسلامية.
إنّ علاج الأعراض الجلدية الثانوية لمرض عُضال لا يكفي لتحقيق الشفاء ولا يقضي على الوباء ولذلك فإنّ علاج المشاكل المنتشرة في المغرب بما فيها تفشي الإجهاض غير ممكن إلا بالوقوف على مكمن الداء وأخذ الدواء المناسب، وإنّ الداء قد علم فهو النظام العلماني الذي أثبت فشله في حل المشاكل بل أثبت جدارته في اختلاقها، وإنّ الدواء لهو النظام الذي ارتضاه الله لنا لو كانوا يفقهون ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هاجر اليعقوبي - تونس