الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
فرنسا تثبت من جديد الطبيعة الفاشية لنظام الحكم العلماني (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فرنسا تثبت من جديد الطبيعة الفاشية لنظام الحكم العلماني

 

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

 في الرابع من آب/أغسطس، ذكرت صحيفة التلغراف البريطانية في تقرير لها بأن متجرًا يصنف ضمن متاجر الحلال في ضاحية كولومبيه في باريس أبلغ بأنه سيتعرض للإغلاق إذا ما امتنع عن بيع الخمر ولحم الخنزير. وقد ادعت السلطات المحلية في كولومبيه بأن أفراد المجتمع المحلي بأسره لن تتوفر لهم خدمة جيدة إذا ما انعدم وجود الخمر ولحم الخنزير في المتجر. وزعمت أيضًا زعمًا سخيفًا بأن هذا المتجر يخرق مبادئ الجمهورية الفرنسية وذلك لوضعه في الاعتبار أولويات مجموعة معينة من الأفراد داخل المجتمع لا جميع فئاته. وقد وصل تجاذب الكلام بين المسؤولين الفرنسيين باعتبار ما جرى انتهاكاً من قبل هذا المتجر لـ "مبادئ العلمانية الفرنسية" و"حقوق المجتمع" إلى حد جعل رئيس بلدية كولومبيه يزور المتجر ويطلب من مالكه إضافة الكحول واللحوم التي لا تعد حلالاً لقائمة المنتجات التي تباع عنده. وقد علق رئيس البلدية جيروم بيسنارد على هذه المسألة قائلاً "نريد مزيجًا اجتماعيًا، لا نريد أن تكون هناك منطقة تحوي مسلمين فقط، ولا نريد منطقة خالية من المسلمين أيضا". وذكرت السلطات المحلية بأنها ولكون المتجر يستأجر مبانيها فإنها ستتخذ إجراءات قانونية لإنهاء عقد الإيجار.

 

التعليق:

 

ليست هذه القضية إلا إظهارًا جديدًا لجنون العظمة عند فرنسا العلمانية، والذي يصيبها كلما أرادت الاعتداء على الإسلام ومعتقداته، وهي دليل جديد على أن الحكم العلماني لا يمكن أن يكون صالحًا للتطبيق إذا ما تعلق الأمر باستيعاب حقوق الأقليات الدينية. وقد أثبتت السلطات الفرنسية مجددًا عجز العلمانية في أن تكون عالمية في تلبيتها لاحتياجات جميع الأفراد وأثبتت مرةً أخرى بأن التعصب وخلق الفرقة في المجتمع أمران متأصلان في نسيج الفكر العلماني. وعلاوةً على ذلك، فأي شيء يقال عن قوة أي نظام يشعر بأن وجوده مهدد جراء بعض الممارسات الدينية غير الضارة ومن ثم يسعى لدمجهم قسريًا (أو تغيير حالهم إلى حد ما) وذلك كوسيلة للتعامل مع الأقليات الدينية؟ وأية مصداقية تلك التي قد تبقى لأية أيديولوجية تشعر بأن الطريقة الوحيدة لحماية قيمها هي عبر قمع حق الأفراد في ممارسة معتقداتهم الدينية؟! وأي شيء يمكن قوله عن سلامة أي نموذج سياسي يرى أن إيجاد التماسك والانسجام في المجتمع يكون من خلال وصم ومعارضة بل حتى تجريم الجماعات الدينية بسبب معتقداتها؟!، وهذا قطعًا لن يولد إلاّ مشاعر من الاستياء والغضب، وقد كتب ويليام كونولي وهو مُنَظِّر سياسي في كتاب بعنوان "لماذا أنا لستُ علمانيًا" بأن "الحكم الديمقراطي ينحط بسهولة فيما يتعلق بمنظومة الوحدة وذلك من خلال إضعاف الروح المعنوية عند الآخر".

 

إن هذه الهستيريا تجاه المبدأ الإسلامي الذي يمنع المسلم من بيع المشروبات الكحولية واللحم غير الحلال كلحم الخنزير، هي ذاتها وتسير على ذات نهج العبث الفكري الذي أدى إلى حظر الحجاب والنقاب في فرنسا ودول أوروبية أخرى وحظر الأذان في سويسرا كذلك. وهي تقوم على أساس الاعتقاد السخيف بأن التعبير العلني عن الاختلافات الدينية يؤدي إلى الانقسام والفرقة أو يوصل إلى خلخلة التماسك في المجتمع. مثل هذا الخوف الطائش من الاختلافات الدينية والذي برز في هذه الهجمة الجديدة على الإسلام في فرنسا والتي تتمثل برفض عدم بيع الكحول ولحم الخنزير تلبيةً للمعتقدات الدينية للأقلية المسلمة في المجتمع هي ببساطة وضع "أولويات" جماعة على حساب أخرى، وهي أيضا تضع مسارًا لتقسيم المجتمع. ويا للسخافة! فليس رفض بيع المنتجات غير الحلال أو التزام الرموز الدينية أو الأذان في المساجد أو أي معتقد أو ممارسة إسلامية، ليس هذا هو ما يوجد الحواجز بين الأفراد في المجتمع، بل إن هذه الحواجز ناتجة عن شيطنة دؤوبة لجاليات دينية بعينها وإشعال لهيب هستيري ضد ثقافتها، وفرض حظر ضد معتقداتها الدينية؛ وجميعها أمور تصم الأفراد وتؤدي إلى تهميشهم وتوقد نار الشك والكراهية تجاههم. وفي الحقيقة، فإن الواقع هو خوف علماني لا عقلاني من الاختلافات الدينية يغذي التحيز العنصري أيضا.

 

كل هذا يسلط الضوء على عدم قدرة النظام العلماني على التنبؤ فيما يتعلق بضمان حقوق الناس؛ حيث تملي الحقائق السياسية الوطنية ما إذا كان الأفراد قادرين على ممارسة شعائرهم الدينية أم لا. وهذا لم يثبت في فرنسا فحسب ولكن في البلاد العلمانية كلها في جميع أنحاء العالم حيث أقحمت هذه البلاد حظرها الخاص للمعتقدات الإسلامية المختلفة أو قامت بوصم هذه المعتقدات بالتطرف أو الإرهاب من أجل إجبار المسلمين على التخلي عنها. عندما ظهرت العلمانية كان هدفها حماية المجتمع من الجوانب القمعية للدين النصراني. ولكن الآن، الدين هو ما يسعى لحماية نفسه من القوات القمعية للدولة العلمانية. وبالتأكيد، فإن نظامًا قمعيًا ظالمًا لا يملك نظرة مستقبلية والذي يثبت من جديد عجزه عن تأمين احترام وحقوق الأقليات فيه لا يمكن الدفاع عنه واعتباره الوسيلة المثلى لحكم المجتمعات.

 

إنه نظام الإسلام، في دولة الخلافة على منهاج النبوة هو الوحيد القادر على تأمين حقوق ورعاية مصالح أتباع جميع الأديان في ظله، ويوجِد التماسك والانسجام في المجتمع أيضا. ليس لكونه يمنع التعرض أو إهانة المعتقدات الدينية لليهود والنصارى وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى فحسب بل لكون أحكام الشريعة الإسلامية أيضًا تفرض بأن يُسمح لغير المسلمين متابعة شؤونهم الدينية الخاصة بهم فيما يتعلق بالمأكولات والمشروبات واللباس والزواج والطلاق وغيرها من الأمور دون تدخل أو مضايقة من الفرد أو الدولة. فالدولة على سبيل المثال تعين قاضيًا من أنفسهم ليحكم في الخلافات التي تحصل بينهم على أساس دينهم ومعتقداتهم في محاكم تابعة للدولة. ويسمح النظام الإسلامي بأن يكون في مجلس الأمة من يمثل أتباع الديانات الأخرى يتم انتخابهم لتمثيل احتياجات الناس والتحدث علنًا ضد أي انتهاك لحقوقهم. وقد عبر عن هذه الطريقة التي لم تضاهيها طريقة في حماية الدولة لحقوق غير المسلمين فيها، العديد من المؤرخين من غير المسلمين كالكاتب الأمريكي ويل ديورانت الذي كتب في كتابه "قصة الحضارة" قائلاً "في عصر دولة الخلافة الأموية، تمتع جميع أفراد الشعب من نصارى وزرادشتيين ويهود وصابئة بتسامح لم نشهد له مثيلًا حتى في هذه الأيام في الدول المسيحية. كانوا أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية وحفظت كنائسهم ومعابدهم".

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي الركزي لحزب التحرير

 

د. نسرين نواز

 

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالجمعة, 12 آب/أغسطس 2016

وسائط

1 تعليق

  • Khadija
    Khadija الجمعة، 12 آب/أغسطس 2016م 10:46 تعليق

    نأمل أن تكون هذه الجهود دافعاً لنا للتمسك بأحكام هذا الدين والعضّ عليها بالنواجذ، وزيادة الثقة بها .والعمل على إيجاد من يقوم بتطبيق الإسلام بكامل أحكامه، ومنها السياسة الإعلامية.
    ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما تنشرون وأن ينفع المسلمين به، وأن يجعله الله في ميزان حسناتنا جميعا وأن يهيئ لهذه الأمة من يطبق هذا الدين كما أمر الله...اللهم آمين آمين

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع