- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
رد على مقال للكاتب قاسم قصير
الخبر:
نشر موقع عربي21 مقالة بعنوان (حوار صريح مع حزب التحرير: عن الدور البريطاني بتركيا وماليزيا وجمود الوعي السياسي) للكاتب قاسم قصير، ختمه بطرحه سؤالا: "متى ينتهي الجمود في الوعي السياسي للحزب؟"
التعليق:
جوابا على سؤاله أقول:
- حزب التحرير، حين انطلق في حمل دعوته في 1953م، حدد هدفه بأنه استئناف الحياة الإسلامية، وهذا يعني عودة المسلمين للاستظلال بحكم الشريعة الربانية التي أكرمهم الله بها، وجعلهم هداة مهديين يحتكمون إلى شرع الله فيما بينهم بالعدل والقسط ورعاية شؤون الناس بتطبيق الأحكام الربانية المنزهة عن الهوى والبعيدة عن مصالح "المشرعين" من العباد الذين يستعبدون المجتمع بينما هم يشرعون لخدمة مصالحهم ومن أوصلهم للسلطة، وهذا هو واقع النظم الوضعية مهما تعددت مسمياتها، واستئناف الحياة الإسلامية يعني حمل رسالة الإسلام إلى العالم لإزالة ظلم الحضارات المفلسة التي تقدس القيمة المادية وتحط من شأن الإنسان.
- وقد حدد الحزب هدفه بناء على فهمه للواقع الذي يعيشه المسلمون، الأمس (1953م) كما اليوم (2018م): ألا وهو فرض الغرب لهيمنته على بلاد المسلمين، ونهبه لثرواتهم، ومحاربته للإسلام والمسلمين، ليس فقط بحملات القتل والإبادة التي لم تتوقف لا في فلسطين ولا في كشمير بل امتدت عبر جرثومة كيان يهود، التي غرسها الغرب في قلب الأمة في الأرض المباركة فلسطين، كما أباح الغرب لنفسه شن المزيد من جرائم القتل والتدمير حيثما اقتضت مصالحه ذلك، من ميانمار إلى أفريقيا الوسطى، وطبعا في أفغانستان والصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن، مستخدما في ذلك حكام المسلمين الذين نصبهم على كراسي الحكم المعوجة قوائمها، فدانوا له بالسمع والطاعة، وسخروا البلاد وإمكانياتها في سبيل تمكين السيطرة الغربية، كما نشاهد من تأسيس عشرات القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية. لا بل تبرع الحكام بالاستقواء بالغرب الصليبي في مواجهة إخوانهم المسلمين وحرضوا على شن الحروب وقتل المسلمين في إيران كما في العراق وأفغانستان، فنجد الحكام يسارعون في نشر الجيوش ليس لتحرير الأرض المباركة فلسطين ولا لتحرير الشيشان أو كشمير أو للدفاع عن مسلمي ميانمار وأفريقيا الوسطى، بل تنفيذا لخطط الدول الغربية التي تقتضي تدمير الموصل والرقة وحلب وحمص وبنغازي وصنعاء وعدن... الخ، وفي الوقت نفسه يسارع الحكام بعقد الاتفاقيات والمعاهدات التي يقسمون فيها الأيمان المغلظة لبذل مئات مليارات الدولارات طلبا لمرضاة حكام الغرب المستعمر لتنشيط "اقتصادهم" وتأمين فرص العمل لشعوبهم، هذه الفرص التي تترجم إلى قنابل وصواريخ تدك مدن المسلمين في اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان فوق رؤوس أهلها!
- فالحزب حدد هدفه بأنه تحرير المسلمين من الهيمنة الغربية؛ المباشرة، على شكل القواعد العسكرية والمعاهدات الاقتصادية، وغير المباشرة، على شكل الخضوع لإملاءات المنظمات "الدولية" التي أوجدها الغرب لتجميل وجهه الاستعماري القبيح، تحت خرقة "الشرعية الدولية" والمواثيق الدولية، وأولى هذه المعاهدات كانت سايكس بيكو المشؤومة التي ضربت وحدة الأمة وقسمتها إلى عشرات الكيانات المتناحرة والتي تعتمد في وجودها وبقائها على الداعم الصليبي.
- كما حدد الحزب هدفه بأنه إقامة الدولة الإسلامية التي تعيد وحدة المسلمين جميعا وتلغي وتهدم آثار سايكس بيكو البغيضة، وتخلع جرثومة يهود من الأرض المباركة فلسطين، كما تضع حدا لكل طامع تسول له نفسه الولوغ في دماء المسلمين، أو في التشهير بأحكام الإسلام ورموزه.
فهذا ما آلى حزب التحرير على نفسه التصدي له ونذر نفسه لتحقيقه، وهنا أختم بالسؤال: هل فيما ذكرته أعلاه ما يجادل فيه الأخ قاسم، أو غيره من المراقبين والمعنيين؟ لقد عنون الأخ قاسم مقالته بـ"حوار صريح مع حزب التحرير". جيد، ونحن نرحب بالحوار معه كما مع سائر أفراد الأمة، فالقضية التي تصدينا لها تعني الأمة كلها وليس أفرادا مخصوصين أو فئات محددة من الأمة، بل هي قضية مصيرية تطال الأمة كافة بنتائجها وعواقبها.
للأخ قاسم، أو غيره، أن يتفق معنا أو يختلف في هذه الجزئية أو تلك، ولكن لنبدأ بتحديد نقاط الاتفاق فيما هو قطعي ومجمع عليه: ضرورة الاحتكام إلى شرع الله الذي يفرض وحدة الأمة، ويفرض التبرؤ من الأعداء الطامعين في بلادنا وديننا، ويفرض نبذ أدوات هؤلاء الأعداء، ومتى اتفقنا في هذه البديهيات والمسلَّمات، فلن يضيرنا تعدد الأفهام والاجتهادات سواء في الفهم السياسي للقضايا المعاصرة، أو حتى الاجتهادات الفقهية التي تدور ضمن دائرة الإسلام، بعيدا عن التلوث بأبحاث المستشرقين ومراكز البحث المسمومة التي رصدتها الدول الصليبية للطعن في الإسلام والمسلمين.
وأختم بجواب سؤال قاسم: إن "جمود" حزب التحرير هو إصرار منه وعزيمة على العمل الدؤوب لاستنهاض الأمة لإنهاء الهيمنة الاستعمارية والذي لا يتم إلا باستئناف الحياة الإسلامية والتي لا تتم إلا بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، وعقولنا وقلوبنا مفتوحة لكل من يشاركنا هذا الهم وهذا الشرف العظيم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير