- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إن رتع الإمام رتعت الرعية
الخبر:
ما زالت قضية ما بات يعرف بـ #اختلاسات_وزارة_التربية تشغل الرأي العام في سلطنة عمان، حيث تداولت مواقع التواصل، معلوماتٍ عن قضية اختلاسات مالية كبيرة في وزارة التربية والتعليم يجري التحقيق فيها.
التعليق:
في أعقاب الضجة التي أحدثتها قضية اختلاسات وزارة التربية، التي هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ومطالب الناس في معرفة مصير الملايين التي تم اختلاسها ومصير المسؤولين عن تلك الجرائم، وفي خطوة يبدو أنها محاولة من الحكومة لذر الرماد في عيون الناس، تناولت خطبة الجمعة في المساجد ليوم 2019/4/5م، التي تكتبها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، موضوع الفساد والسرقة والرشاوى. وفي وقت سابق علّق المفتي العام للسلطنة حول هذه الاختلاسات متحدّثا عن مسؤولية المال العام وعظم شأن الأمانة.
وقد غيّبت تلك الخطب الرنانة سبب الفساد وأسّه، الذي هو غياب حكم الله، وقد استبدلت به أحكاماً وقوانين وضعية أهلكت الحرث والنسل، وملأت الأرض جورا وفسادا، وأنتجت كل أشكال الفساد من فسقٍ ومعاصٍ وانتهاكٍ لحرمات الله، وتطبيعٍ مع ألد أعداء الله، وتبديدٍ للثروات، وتغاضت عن الحديث عن تضييع أكبر أمانة عند هذه الأمة ألا وهي أمانة إقامة حكم الله في الأرض، وعن أكبر مختلس للشعب الذي سلبهم سلطانهم.
إن محاربة الفساد والمفسدين لا تكون حتما بإلقاء خطب ومواعظ وكلمات زجر ووعيد بالعذاب الأليم على مسامع عامة الناس الذين سُرقت أموالهم وأنهَكتهم الضرائب وارتفاع تكاليف العيش اليومي وتزايد أعداد الشباب العاطلين الباحثين عن العمل، ولا بمطالبة الأجهزة الرقابية في الدولة بالضرب بيدٍ من حديد على الفاسدين "من أعلى الهرم وهو "الوزير" إلى أصغر موظف" كما عبر البعض، مع بقاء أصل النظام الفاسد ورأسه.
فمن الملاحظ أنه لم يحدث أي تغيير ملموس في حياة الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عُمان بعد الاحتجاجات التي طالبت بظروف معيشية أفضل ووضع حدّ للفساد، والتي تزامنت مع الربيع العربي عام 2011، حيث تم إخماد واحتواء تلك الاحتجاجات بإقالة بعض كبار المسؤولين وإجراء بعض الإصلاحات التجميلية. فالتغيير الجذري لا يكون في تغيير الوجوه ولا في إصلاحات ترقيعية تمد عمر النظام الذي يحتضن الفاسدين والمفسدين، وإنما يكون بتغيير النظام الفاسد وأركانه وإقامة حكم الله في الأرض الذي يمنع الفساد ويجتثه من جذوره.
فصلاح الحاكم وخوفه من الله سبب في صلاح المجتمع وفساده سبب في إفساده. يروى أنه لما فتح المسلمون القادسية أخذوا الغنائم ودفعوها وجيء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسرى، بكى عمر وحمد الله لما رأى مقدار ما وصل إليه من أموال إلى المدينة وقال: (إن قوماً أدوا هذا لأمناء)، فأجابه علي رضي الله عنه: عففت فعفّوا ولو رتعتَ يا أمير المؤمنين لرتعت أمتك". وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم". نعم يكون ذلك فقط في دولة يخضع الحاكم والمحكوم فيها لقوانين الخالق، وحيث الناس "من أعلى الهرم وهو "الخليفة" إلى أصغر موظف" ينفذون القانون ليس نظير سمعة زائفة ولا تشدقا بشعارت خداعة ولا خوفا من شرطي، وإنما توقا إلى أعلى درجات الجنة ونيل رضا الله سبحانه وتعالى. دولة محاسبة الخليفة فيها فرض على الأمة، والرقابةُ فيها مسؤولية جماعية تقوم بها الدولة والمجتمع المسلم بأكمله، وإن وجد الفاسدون والمفسدون، فإن معاقبتهم تكون وفقا لأحكام الله لا لأهواء البشر.
فقطع الطريق عن الفساد والمفسدين لا يكون إلا بخلافة راشدة على منهاج النبوة وخليفة يعف نفسه عن المال العام، فهما الضمان لحماية ممتلكاتكم وثرواتكم المنهوبة، وفوق ذلك فإن الخلافة هي فرض عظيم بل تاج الفروض، فهلمَّ أيها المسلمون إلى العمل لإقامتها تنالوا بها عزكم في الدنيا والآخرة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة بنت محمد