- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
سلطان بروناي بين تطبيق الشريعة واللعب على الحبلين
الخبر:
أقرت سلطنة بروناي دار السلام الواقعة في جنوب شرقي آسيا، تطبيق عقوبات مثل الرجم حتى الموت على مرتكبي الزنا وكل من يقوم بأعمال منافية للفطرة وبتر الأطراف كعقوبة لجريمة السرقة. وقد دخل القرار حيز التنفيذ اعتبارا من يوم الأربعاء 2019/4/3م. (بي بي سي)
التعليق:
بروناي دار السلام دولة صغيرة تقع على الساحل الشمالي لجزيرة بورنيو في جنوب شرق آسيا مشهورة بثراء حاكمها السلطان حسن البلقية وحياة البذخ التي يعيشها. ويعد السلطان السبعيني من أغنى أغنياء العالم بفضل صادرات النفط والغاز. وتعتبر بروناي رمزاً للثراء، وبالرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي متواضع، إلا أنها ثرية بمعيار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ولا يتجاوز عدد السكان في هذه الدولة الصغيرة 450 ألف نسمة فقط. ويستمد السلطان حسن شرعيته من توفير مستوى معيشة مرضٍ لشعب بروناي ومن وضعه كإمام لبروناي يدعي أنه يحكم في إطار إسلامي ويحافظ على هوية المجتمع ذي الأغلبية المسلمة.
يغازل السلطان بتطبيق هذه القوانين شريحة من الشعب أصبحت أكثر ميلا لتطبيق الإسلام ولم تعد ترضى بأن تكون الشريعة الإسلامية محصورة في المساجد وعقود النكاح والطلاق. وقد أعلن السلطان القانون الجنائي المستمد من الشريعة في عام 2014 وقال في وقتها إنه "ضمن التاريخ العظيم لأمتنا". إلا أنه أصر على تطبيقه بشكل تدريجي وقال حينئذ إن هذا القانون لن يغير سياسات بلاده وأن القضاة سيكون لهم رأي في الأحكام الشرعية. والقضاة الذين سيكون لهم رأي في الأحكام الشرعية لا يفقهون في الشريعة وليس لهم دراية إلا بالقوانين الوضعية. والمحاكم المدنية في بروناي تستند إلى القانون البريطاني، الذي بدأ تطبيقه عندما كانت السلطنة تحت الحماية البريطانية. بينما تقتصر محاكم الشريعة على قضايا الأسرة مثل الزواج والميراث.
وبالرغم من الضجة التي رافقت قرار تطبيق الشريعة في بروناي إلا أن الأمر لا يتجاوز كونه "زوبعة في فنجان" ولا يتعدى بعض العقوبات، والقرار برمته له أهداف سياسية متعلقة بترسيخ حكم السلطان وإلهاء الشعب عن التحديات التي تواجه البلاد. وقال السلطان حسن البلقية لنواب البرلمان يوم الخميس إن قرار تطبيق الشريعة الإسلامية "يعتبر إنجازا عظيما للبلاد، وليس إجراء رجعيا أو متخلفا".
اعتاد السلطان كغيره من سلاطين هذا الزمان على أن يقول الشيء ويفعل ضده ويردد الشعارات بينما الواقع يفضحه ويعري نظامه. فعلى سبيل المثال لا الحصر، عقوبة الإعدام منصوص عليها ولكنها مجمدة ولم تطبق حالة إعدام واحدة منذ 1957م. كما تحرص الحكومة على حظر بيع واستهلاك الخمور في بروناي بينما يمتلك السلطان سلسلة من الفنادق العالمية التي تروج لكافة أنواع الفساد والانحلال. وتطبق الحكومة نظاما قانونيا مزدوجا من الشريعة والقوانين المدنية.
يحاول السلطان أن يمسك العصا من النصف ويلعب على الحبلين أملا في أن يدوم الملك له ولكنه يغفل عن حقيقة مهمة وهي أن الملك لله وحده.
﴿يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد (أم يحيى)