- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
رئيس منظمة الأعراف يحذر من تداعيات الانتخابات على الانتعاشة الاقتصادية
الخبر:
حذّر رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة سمير ماجول على هامش إحياء الذكرى 19 لوفاة الحبيب بورقيبة بالمنستير من تداعيات الانتخابات المقبلة على الانتعاشة الاقتصادية التي تشهدها تونس.
واعتبر ماجول، في تصريح لمراسلة (وات) بالمنستير، أن تونس تشهد انتعاشة اقتصادية، حيث من المتوقع تسجيل مؤشرات أفضل خلال شهر حزيران/يونيو المقبل مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، منبّها من إمكانية تعطيل هذه الانتعاشة للصعوبة التي تكتسي سنة 2019 باعتبارها سنة انتخابية. (وكالة تونس أفريقيا للأنباء).
التعليق:
في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الدولة الباجي قايد السبسي مؤخرا ضمن خطاب ألقاه من قصر قرطاج بمناسبة عيد (الاستقلال) عن مؤشرات اقتصادية سيئة ووضع مالي خطير ومتدهور لم يجد له حلولا إلى حد الآن أمام تفاقم الديون الخارجية وتواصل العجز عن الإنتاج، وفي الوقت الذي تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية عميقة وحادّة لم تعد في حاجة إلى شهادة الخبراء والمحللين، يطلّ علينا رئيس منظمة الأعراف في تونس متمسحا برفات بورقيبة، ليحاول النفخ مجددا في جثة هامدة، هي جثة هذا النظام الديمقراطي الجاثم فوق صدور أهل تونس، ليسومهم سوء العذاب ويفرض عليهم إملاءات مؤسسات النهب الدولي.
الغريب في هذا التصريح أنه لا يناقض مواقف وآراء رئيس الدولة فحسب، ليس آخرها ما جاء ضمن حوار له مع جريدة القدس العربي بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2019، حيث اعترف السبسي بأن التجربة التونسية لم تحقق تقدما في المجال الاقتصادي وهو ما يبقيها تجربة هشة، وإنما هو تصريح يناقض نفسه...
فمن جهة يتحدث ماجول عن انتعاشة اقتصادية في أشد الفترات سوءا وأكثرها انحدارا في تاريخ تونس، ومن جهة نجده يحذر من تداعيات الانتخابات القادمة على هذه الانتعاشة، فأي انتعاشة هذه التي يربكها ويعطلها تنظيم الانتخابات؟! اللهم إذا كان المقصود الوضع المالي للأعراف ورؤوس الأموال، لا وضع تونس الاقتصادي.
الأشد غرابة الآن، هو حديث بعضهم - ومنهم السيد ماجول - عن انتخابات 2019 من كونها معركة يمكن أن تُحسم لصالح تونس وأهلها، ودفعهم بكل السبل لإحياء جثة الديمقراطية التي شهد السبسي نفسه بأنها تعيش أزمة عالمية. ولذلك، فإن غربة الزمان والمكان التي يعيشها أولياء الانتخابات الديمقراطية، واستعدادهم المتجدد لخوض المعركة ذاتها داخل الجحر نفسه الذي لا يليق بمقام خير أمة أخرجت للناس، يجعلهم يغمضون أعينهم عن كل التحولات الإقليمية التي تعيشها المنطقة على سرعتها وأهميتها، فلا يشعرون من حولهم بانتفاضة الأمة ضد حكامها ولا بانهزام الديمقراطية في عقر دارها.
إن هذا الغباء السياسي قد أوصل حكامنا إلى حالة من العمى السياسي، يستحيل معها رؤية واقع سياسي ليس لهم فيه وجود ولو على ظهر دبابة الكافر المستعمر، ولذلك لا غرابة أن يستميت الوسط السياسي في الدفع بأبناء هذا الشعب المقهور نحو انتخابات 2019، في الوقت الذي يدرس فيه الاستعمار الخيارات العسكرية ويسارع في تكبيل البلدان بمزيد من الاتفاقيات المذلة، بل يدفع بعملائه لخوض حروب بالوكالة من أجل الحيلولة دون وحدة الأمة على أساس دينها وتمكينها من ممارسة حقها في اختيار حكّامها، وما ليبيا إلا شاهد عيان. فهل سننتظر حتى تذبح الأمة من الوريد إلى الوريد، حتى ندرك أن المعركة الحقيقية أكبر من مهزلة انتخابات 2019، وكل من يروّجون لها من شهود الزّور؟
إن حالة الطوارئ التي تعيشها الأنظمة اليوم، في الوقت الذي يُساق فيه الناس سَوقاً نحو صندوقٍ تحت حراسة الكافر المستعمر، مع ما يكلفها ذلك من أموال طائلة أرهقت كاهل الجميع، كاف ليُلخّص حالة الموت السريري التي وصلت إليها الديمقراطية في بلاد الإسلام. ولذلك فإن كل من يدفع باتجاه إنعاش الملك الجبري بإحياء مهزلة الانتخابات الديمقراطية التي قاطعتها الشعوب عن وعي بحقيقتها، لهو شريك للاستعمار في جريمة اغتصاب سلطان الأمة، وفي منع وحدتها على أساس الإسلام، وفي تكريس حالة التبعية السياسية والاقتصادية، وإن صلى وصام وتعلق بأستار الكعبة.
في المقابل، فإن الإسلام هو النظام الوحيد الكفيل بإيجاد المعالجات الاقتصادية التي تحقق للإنسان الرعاية والكفاية والرفاه، وهو البديل عن واقع الأزمات التي خلفها النظام الرأسمالي فضلا عن كونه النظام الوحيد الذي يمكّن الأمة من اختيار حاكمها ويفرض عليها محاسبته على أساس أحكامه، في دولة مبدئية وقويّة، ترعى أتباعها وتردع أعداءها، هي دولة الخلافة التي تكون فيها السيادة للشرع لا لشخصيات "ضبّية" تتجاوز الفرض والوعد والبشرى، انجذابا للواقع وانخداعا به.
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فمَنْ؟». (رواه البخاري).
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش