- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
ما بين سقوط الأندلس وفتح القسطنطينية... ألمٌ وأمل!
الخبر:
يصادف الثاني من كانون الثاني/يناير الذكرى الميلادية لسقوط الأندلس عام 1492م، ففي مثل هذا اليوم قبل 528 سنة تمَّ تسليم غرناطة لجيوش مملكة قشتالة التي كان يقودها الملك فرديناند وزوجه الملكة إيزابيلا بعد أن ظلّت تحت حكم المسلمين نحو 800 سنة متواصلة.
التعليق:
فتحَ المسلمون الأندلسَ في السنةِ الثانيةِ والتسعينَ للهجرةِ الموافقةِ لسنةِ 711م، بقيادةِ القائد موسى بن نصير وقد كانت وجهَة الجيش ونيتُهُم مواصلة الفتوحات وفتحَ القسطنطينيةِ وتحقيق بشرى رسول الله r بفتحها، ولكن الخليفة الوليد بن عبد الملك خافَ على الجيشِ الإسلامي من متاهاتِ أوروبا فطلبَ منه الرجوعَ إلى الشامِ.
وقد عاش أهل الأندلس برخاء في ظلَّ حكم الإسلام، فقد حبا الله هذه البلاد بأراضٍ خصبة، ومياه عذبة، ومناخ معتدل، كما أنها كانت منارة للعلم، فقد كانت جامعة قرطبة تُعَدُّ من أشهر جامعات العالم آنذاك، وأكبر مركز علمي في أوروبا، ومن خلاله انتقلت العلوم العربية إلى الدول الأوروبية على مدى قرون، وكان يُدرس في هذه الجامعة كلّ العلوم، وكان يُختار لها أعظم الأساتذة، وكان طلاب العلم يَفِدُون إليها من الشرق والغرب على السواء، مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وقد كان أبناء الملوك والأغنياء الأوروبيون يتوجهون للدراسة في مدارسها وجامعاتها، وكانوا يفخرون بتتلمذهم على يد أساتذة وعلماء المسلمين، كما كانوا يستخدمون الألفاظ العربية؛ حتى يُقال بأنّهم مثقّفون ومتعلّمون، هذا ناهيك عن التقدم المدني والعمراني الذي شهدته البلاد في ظلّ الحكم الإسلامي ويشهد عليه الآثار الباقية من تلك الأيام من قصور وأبنية.
لقد اشتملت معاهدة التسليم التي وقعت مع ملك غرناطة أبي عبد الله الصغير على ضمان حرية العقيدة والعبادة لمسلمي الأندلس، ولكن لم يتم الالتزام بشروطها، فأعداء الإسلام ليس لهم عهد ولا ذمة، حيث بدأت بعد فترة قصيرة من توقيعها عمليات تطهير عرقي ضدّ المسلمين بل وتعقبهم في البلدان التي هربوا إليها على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، وعرفت تلك الفترة في التاريخ الإسباني والعالم بفترة "محاكم التفتيش" التي خيّرت المسلمين بين التنصر أو القتل، وأمعنت فيهم قتلاً وتعذيباً وملاحقة ونهباً لأموالهم.
وتتصادف الذكرى الميلادية لسقوط الأندلس هذا العام مع الذكرى الهجرية لفتح القسطنطينية التي تمّ فتحها فجر الثلاثاء الموافق للعشرين من مثل هذا الشهر جمادى الأولى عام 857هـ، بعد حصار استمر نحو شهرين، فتحققت بذلك بشرى رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ». والتي كان جميع المسلمين يأملون بأن تتحقق بشرى فتح القسطنطينية على أيديهم بمَن فيهم فاتح الأندلس موسى بن نصير وجيشه، ولكن مشيئة الله كانت أن تتحقق هذه البشرى على يد السلطان محمد الفاتح وجيشه، الذي سجد لله شكراً على هذا الظفر والنجاح، ثمّ توجه إلى كنيسة آيا صوفيا، حيث احتشد فيها الشعب البيزنطي ورهبانه، فمنحهم الأمان، وأمر بتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، وأمر بإقامة مسجد في موضع قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري، حيث كان ضمن صفوف الحملة الأولى لغزو القسطنطينية، وتوفي هناك رحمه الله ورضي عنه، ومن ثمَّ قرر اتخاذ القسطنطينية عاصمة لدولته بعد أن كانت سابقاً أدرنه، وأطلق على القسطنطينية بعد فتحها اسم إسلام بول أي مدينة الإسلام دار الإسلام، واشتهرت بإستانبول، ثمّ دخل الفاتح المدينة وتوجه إلى آيا صوفيا وصلى فيها وأصبحت مسجدا بفضل الله ونعمته وحمده.
وإننا إذ نعيش في هذه الأيام ألم سقوط الأندلس وضياع هيبة المسلمين وقوتهم، فإننا نستبشر ونتأمل خيراً بذكرى فتح القسطنطينية ونرجو من الله أن يمُن علينا بتحقيق بشرى نبيه لنا بفتح روما كما فتحت القسطنطينية، وذلك بعد تحقيق بشرى إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» فنكون شهوداً على عودة عزة الإسلام والمسلمين، وجنوداً في دولته.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
براءة مناصرة
#فتح_القسطنطينية
وسائط
1 تعليق
-
بوركت الجهود الطيبة