السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هل كان الرسول ﷺ وطنياً؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل كان الرسول ﷺ وطنياً؟

 

 

 

الخبر:

 

استخدام بعض العلماء والدعاة المعاصرين بعض الأدلة الشرعية في إثبات وجوب الانتماء لكيانات سايكس بيكو.

 

التعليق:

 

بداية وبالعودة إلى أصل كلمة وطن في معاجم اللغة، فإن القول وطَن فلانٌ بالمكانِ: أي أقام به، سكَنه وألِفه واتَّخذه وطَناً.. فيكون المكان الذي نشأ فيه الإنسان وترعرع فيه وألفه هو موطن له، وحُب هذا المكان فطري عند أي إنسان، وهو مظهر طبيعي من مظاهر غريزة البقاء، فلا بأس بأن يحب الإنسان المكان الذي يعيش فيه.

 

وهنا يجب التفريق بين حب المكان الذي يعيش فيه الإنسان، وبين مفهوم الوطن من منظور سايكس وبيكو، فالثاني يجعل الولاء للحدود الجغرافية التي رسمها الغرب المستعمر. وعلى سبيل المثال، فإن من يعيش في مدينة الرمثا في الأردن يعتبر مدينة معان مثلاً ضمن وطنه، وبالتالي عليه أن يهتم بشأنها كونها تقع ضمن نطاق ما يسمى وطنه مع أنه لم تطأ قدمه أرض معان يوماً، بينما لا يجب عليه أن يعير أي اهتمام لما يحصل لمدينة درعا في سوريا، والتي تفصلها عن الرمثا بضعة كيلومترات، كونها ليست ضمن نطاق ما يسمى وطنه. وهذا ما تقوم به الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، فترسخ مفهوم أن اهتمامك يجب أن يكون محصوراً بما يحصل ضمن حدود ما يسمى وطنك، وبالحقيقة هو ليس أكثر من شعار عندها تتخذه للحفاظ على وجودها ومصالحها تحت مسمى أمن الوطن والدفاع عن الوطن وغيرها من الشعارات المزيفة.

 

إن ما يُستدَل به كقول: (حب الأوطان من الإيمان) هو حديث مكذوب لا أصل له.. وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»، فهو من الحب الفطري للمكان الذي نشأ فيه، فقد وُلد عليه الصلاة والسلام وترعرع في مكة، فضلاً عن قدسية أرضها، وأنها أحب بلاد الله إلى الله.. فكيف يتم إسقاط هذا الحديث على كيانات أُنشئت على أنقاض دولة الخلافة، وخط حدودها الغرب المستعمر، بهدف تمزيق الأمة الإسلامية، وتشتيت شملها، والاستيلاء على ثرواتها، وضرب رابطة العقيدة التي تجمعها، فأصبحنا من بعدها مقسمين مشرذمين لا حول لنا ولا قوة، نُنهش من كل حدب وصوب، نعيش النكبات تلو النكبات في ظل غياب الراعي الحقيقي للأمة!

 

إن الدولة في الاسلام توسعية بطبعها، ووظيفتها حمل الدعوة إلى الخارج بالدعوة والجهاد؛ فلو كان الرسول وطنياً، لبقي ضمن حدود الدولة التي أقامها في المدينة، ولما فتح مكة وجزيرة العرب، ولو كان الخلفاء الراشدون كذلك، لما فتح أبو بكر الصديق أرض الشام والعراق، ولما فتح عمر بن الخطاب مصر وطرابلس، ولما فتح عثمان خراسان وأرمينية وأذربيجان!

 

ووصف الشخص بأنه من أرض الشام أو أرض الحجاز أو أرض اليمن - كما كان في السابق - هو وصف لواقع مكان عيش الشخص لا أكثر؛ فالرابطة التي تجمع ابن الحجاز بابن الشام بالنهاية، هي رابطة العقيدة في دولة الإسلام.

 

نعم هو الإسلام وحده الذي جمع بلالاً الحبشي وصهيباً الرومي وسلمان الفارسي ومن ثم المهاجرين والأنصار وصهرهم في بوتقة واحدة، وأذاب كل الراوبط الجاهلية التي كانت سائدة بينهم كرابطة الأرض والقوم، وجعل معيار التفاضل الوحيد بينهم هو التقوى.

 

إن استمرار الولاء لعلم أو حدود هو من أعراض التفكير الجاهلي الذي يخدم فقط أجندة الاستعمار، والأصل رفض هذه التقسيمات والعمل على إعادة الأمة لوحدتها السياسية والاقتصادية في دولة واحدة، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس عمر محمد

آخر تعديل علىالأربعاء, 24 أيار/مايو 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع