الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
من يُحاول عزل الجزائر إقليميا، ولماذا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

من يُحاول عزل الجزائر إقليميا، ولماذا؟

 

 

الخبر:

 

فتحت الجزائر أبواب الخلاف مع قوى إقليمية ودولية بسبب موقفها الرافض لما أسماه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بـ"المرتزقة"، الذين دعا إلى سحبهم من ليبيا، والسماح للشعب الليبي بالذهاب إلى انتخابات تفرز مؤسسات شرعية، لكن اللافت أن روسيا وتركيا اللتين تربطهما بالجزائر علاقات استراتيجية على رأس المعنيين برسالة تبون، ما يمهد لظهور خلافات ستلقي بظلالها على العلاقات الثنائية.

 

وفي أول اختبار جدي وجدت الجزائر نفسها بلا أصدقاء في محيطها الإقليمي، بما في ذلك الروس والأتراك الذين استفادوا من علاقاتهم معها لتثبيت نفوذهم في مالي وليبيا، وباتت في عزلة أكبر بعد استعداء المغرب وإسبانيا والبرود مع فرنسا والتخلي عن تونس في أزمتها.

 

ودعا الرئيس الجزائري إلى ضرورة إنهاء كافة أشكال الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا، وإلى ضرورة سحب المرتزقة مهما تغيرت مسمّياتهم، وهي دعوة قديمة، لكن تزامنها في الظرف الراهن مع تطورات لافتة في المنطقة يضع الجزائر أمام حسابات إقليمية ودولية ستلقي بظلالها على علاقاتها الثنائية وعلى المنطقة عموما. (العرب، 2024/02/07)

 

التعليق:

 

يتحدث الخبر الذي نقلته جريدة العرب اللندنية عن انزعاج النظام الجزائري من دعم روسيا وتركيا للمجلس العسكري في مالي على حساب الدور التقليدي للجزائر، وعن امتعاض جزائري واضح من وجود مرتزقة روسيا وتركيا في ليبيا، وهو ما جاء في صلب رسالة تبون إلى قمة برازافيل التي احتضنت أشغال اجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا. ولكن ما الذي يخفيه الخبر في طياته؟

 

إن تنامي الانزعاج الجزائري مما يحصل في محيطها الإقليمي لم يعد يخفى على كل متابع، خاصة مع توسع نفوذ روسيا وتركيا اللتين تريدان سحب البساط منها في مالي والساحل الأفريقي، وفي هذا الإطار يمكن أن تفهم الدعوة الجزائرية الصريحة إلى سحب المرتزقة من بلد الجوار، نظرا لما يشكلونه من تهديد لأمن واستقرار ليبيا والمنطقة عموما، لا سيما وأن البلدين يشتركان في حدود برية تقدر بنحو ألف كيلومتر.

 

إن الانقلاب الواضح على الدور الجزائري في منطقة الساحل الأفريقي الذي تقوم به روسيا وتركيا بضوء أخضر أمريكي، وانسحاب مالي من "اتفاقية الجزائر للسلام" وطرد بعثة مينوسما وجلب مرتزقة فاغنر بما يعنيه ذلك من تصعيد وتحدّ للنظام الجزائري، فضلا عن قرار المجالس العسكرية في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر بالانسحاب الفوري من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، هي كلها أمور تقع بترتيب وإشراف أمريكي مباشر وتضع المنطقة على فوهة بركان. حيث نرى أن الإدارة الأمريكية تسابق الزمن في محاوطة أطراف الجزائر وعزلها عن محيطها الإقليمي ليصبح فِناؤها الخلفي وعمقها الاستراتيجي مصدر إزعاج مباشر لها ولمصالحها في المنطقة، فلا تكفي حالة الجفاء مع تونس، وحالة التوتر مع المغرب، وفقدان التأثير في الملف الليبي، فضلا عن عدم استقرار الأوضاع في تشاد، وحالة الحرب الطاحنة في السودان، ليصبح الساحل الأفريقي صداعاً في رأس الجزائر، حيث يفرض عليها أن يصبح مجال امتدادها الطبيعي (تونس وليبيا)، ملجأً للمليشيات المسلحة والشبكات الإجرامية لتهريب الأسلحة والمخدرات، ومعبرا للهجرة "غير الشرعية"، وهو ما دفع الجزائر إلى محاولات تقريب وجهات النظر مع تونس وتأمين الحدود والشروع في تحضير زيارة تبون إلى فرنسا.

 

كل هذه الصفعات وغيرها، تتلقاها الجزائر واحدة تلو الأخرى، من عدوة الإسلام والمسلمين الأولى أمريكا، المصرة على اقتحام شمال أفريقيا، سواء أكان ذلك بأدوات مثل روسيا وتركيا اللّتين تتقنان خدمة مصالح أمريكا في الخارج من أجل الحصول على بعض الغنائم، أم بأدوات مثل المجالس العسكرية التي جاءت بها أمريكا في منطقة الساحل الأفريقي ودعمت انقلاباتها، أم بغيرها من الأوراق التي تلعب بها أمريكا.

 

ولذلك فالحل والمخرج من كل هذه الأزمات المفتعلة، لن يكون بمسايرة بريطانيا التي تشارك أمريكا إجرامها وعداوتها للإسلام والمسلمين، ومن باب أولى لن يكون بالخضوع لأمريكا ومسايرتها من باب سياسة الأمر الواقع، وإنما باحتضان مشروع الأمة النهضوي وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم والتبعية التي صنعها الغرب. وهذا يقتضي من المخلصين الوعي على طبيعة الدور الجيوسياسي الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في مشروع التحرر من الاستعمار وتركيز المشروع الحضاري الإسلامي. فهلا سارع أهل القوة والمنعة إلى حسن استغلال هذه اللحظة التاريخية والتصدي إلى مخطط نقل سيناريو العراق وسوريا إلى شمال أفريقيا قبل فوات الأوان؟

 

قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سِبِيلاً﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

 

آخر تعديل علىالجمعة, 09 شباط/فبراير 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع