الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح172) يعين الخليفة قاضيًا للقضاة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح172) يعين الخليفة قاضيًا للقضاة

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ والسَّبْعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"يُعَيِّنُ الخَلِيفَةُ قَاضِيًا لِلقُضَاةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: العَاشِرَةِ وَالحَادِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 76: يُعَيِّنُ الخَلِيفَةُ قَاضِيًا لِلقُضَاةِ مِنَ الرِّجَالِ, البَالِغِينَ, الأَحْرَارِ, الـمُسلِمِينَ, العُـقَـلَاءِ, العُدُولِ, مِنْ أَهْـلِ الفِقُهِ، وَإِذَا أَعْطَاهُ الخَلِيفَةُ صَلَاحِيَّةَ تَعْيِينِ قَاضِي الـمَظَالِـمِ وَعَزْلِهِ، وَبِالتَّالِي صَلَاحِيَّةَ القَضَاءِ فِي الـمَظَالِـمِ، فَيَجبُ أَنْ يَكُونَ مُجتَهِدًا. وَتَكُونُ لَهُ صَلَاحِيَّةُ تَعيِينِ القُضَاةِ, وَتَأدِيبِهِمْ, وَعَزلِـهِمْ ضِمْنَ الأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ، أَمَّا بَاقِي مُوَظَّفِي الـمَحَاكِمِ فَمَربُوطُونَ بِـمُدِيرِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَتَوَلَّى إِدَارَةَ شُؤُونِ الـمَحَاكِمِ".وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ السَّادِسَةُ وَالسَّبعُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

الأَصْلُ فِيهَا أَنَّ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ وَالِيًا وِلَايَةً خَاصَّةً عَلَى أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ فِي كُلِّ أَنحَاءِ الدَّولَةِ، كَمَا لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ وَالِيًا وِلَايَةً خَاصَّةً عَلَى أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، مِثْلَمَا لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ وَالِيًا وِلَايَةً عَامَّةً عَلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ. فَكَمَا أَنَّ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُقَلِّدَ أَمِيرًا عَلَى الجِهَادِ، وَأَنْ يُقَلِّدَ أَمِيرًا عَلَى الحَجِّ، وَأَنْ يُقَلِّدَ أَمِيرًا عَلَى الخَرَاجِ، كَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ أَمِيرًا عَلَى القَضَاءِ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِهَذَا الأَمِيرِ حَقَّ تَقْلِيدِ القُضَاةِ وَعَزْلِـهِمْ, وَتَأدِيبِهِمْ، مِثْلَ مَالَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِأَمِيرِ الجِهَادِ حَقَّ تَعيِينِ الرُّؤَسَاءِ, وَالعُرَفَاءِ عَلَى الجُنْدِ وَتَأدِيبِهِمْ وَعَزْلِـهِمْ. وَلِهَذَا جَازَ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ قَاضِيًا لِلقُضَاةِ، أَيْ أَمِيرًا عَلَى القَضَاءِ. وَيَكُونُ قَاضِي القُضَاةِ هَذَا، أَوْ أَمِيرُ القَضَاءِ حَاكِمًا, وَلَيسَ مُوَظَّفًا؛ لِأَنَّهُ وَالٍ قَدْ وَلِيَ وِلَايَةً أَيْ حُكْمًا، كَأَيِّ أَمِيرٍ أَوْ وَالٍ عَلَى أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُعتَبَرُ مُعَاوِنًا لِلخَلِيفَةِ فِي القَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُقَلَّدٌ تَقلِيدًا خَاصًّا، أَيْ فِي أُمُورِ القَضَاءِ لَا غَيرَ، سَوَاءٌ أَكَانَ خَاصًّا فِي بَعْضِ القَضَايَا أَمْ عَامًّا فِي كُلِّ أُمُورِ القَضَاءِ، فَهُوَ تَقلِيدٌ خَاصٌّ فِي القَضَاءِ لَا يَتَجَاوَزُهُ. أَمَّا الـمُعَاوِنُ فَهُوَ مُقَلَّدٌ تَقلِيدًا عَامًّا فِي كُلِّ الأُمُورِ، فَلِلخَلِيفَةِ الاستِعَانَةُ بِهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ، وَلَيسَ كَقَاضِي القُضَاةِ فِي القَضَاءِ فَقَطْ.

 

806

 

وَلَـمْ يَثُبُتْ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عَيَّنَ قَاضِيًا لِلقُضَاةِ، كَمَا لَـْم يَثْبُتْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ قَدْ عَيَّنَ قَاضِيًا لِلقُضَاةِ. وَلَـمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُضَاةَ الأَمْصَارِ كَانُوا يُنِيبُونَ عَنْهُمْ مَنْ يَقُومُ بِالقَضَاءِ فِي الـمُدُنِ وَالقُرَى، لَا فِي أَيَّامِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، حَتَّى وَلَا فِي أَيَّامِ الأُمَوِيَّينَ. وَأَوَّلُ مَا أَدْخَلَ تَعيِينَ الخَلِيفَةِ قَاضِيًا لِلقُضَاةَ كَانَ فِي زَمَنِ هَارُونِ الرَّشِيدِ، وَأَوَّلُ قَاضٍ وَصِفَ بِهَذَا الوَصْفِ هُوَ القَاضِي أَبُو يُوسُفَ الكِندِيُّ الـمُجتَهِدُ الـمَشهُورُ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَتَعيِينُ قَاضِي القُضَاةِ هُوَ مِنَ الـمُبَاحَاتِ، وَبِالتَّالِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ قَاضِيًا يَجْعَلُ لَهُ صَلَاحِيَّةَ تَعيِينِ القُضَاةِ وَعَزلِـهِمْ، وَأَنْ يُسَمَّى (قَاضِي القُضَاةِ). إِلَّا أَنَّهُ يُشتَرَطُ فِيهِ مَا يُشتَرَطُ فِي القَاضِي, وَمَا يُشتَرَطُ فِي الحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ وَحَاكِمٌ فِي إِعطَائِهِ صَلَاحِيَّةَ تَعيِينِ القُضَاةِ, وَالنَّظَرِ فِي القَضَاءِ، أَيْ يُشتَرَطُ فِي قَاضِي القُضَاةِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا، بَالِغًا، حُرًّا، مُسلِمًا، عَاقِلًا، عَدْلًا، مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الكِفَايَةِ يَعنِي هُنَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ الـمَسؤُولِيَّةُ عَنِ القُضَاةِ بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ لَهُ صَلَاحِيَّةَ القَضَاءِ. وَقَدْ ذَمَّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَقضِي عَلَى جَهْلٍ وَجَعَلَهُ فِي النَّارِ فَقَالَ: «وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ». (أَخرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ بُرَيَدَةَ). وَمِنْ هُنَا يُشتَرَطُ فِي القَاضِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ. وَيَكُونُ قَاضِي القُضَاةِ مُجتَهِدًا إِذَا أُعطِيَتْ لَهُ صَلَاحِيَّةُ تَعيِينِ وَعَزْلِ قَاضِي الـمَظَالَـمِ، وَبِالتَّالِي صَلَاحِيَّةُ قَضَاءِ الـمَظَالِـمِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الـمَظَالِـمِ يَستَلزِمُ الاجتِهَادَ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الـمَادَّةِ الثَّامِنَةِ وَالسَّبعِينَ الَّتِي سَتَكُونُ مَوضُوعَ حِدِيثِنَا فِي قَابِلِ الأَيَّامِ. أَمَّا مَا وَرَدَ فِي الـمَادَّةِ مِنْ تَعيِينِ مُوَظَّفِي الـمَحَاكِمِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أُجَرَاءُ، وَدَلِيلُ جَوَازِ تَعيِينِهِمْ هُوَ دَلِيلُ جَوَازِ إِجَارَةِ الأَجِيرِ.

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع