- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول
منهج المتكلمين في البحث أوقعهم في خطأ كبير
هو قياس الله على الإنسان (ح 72)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها المؤمنون:
مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:
السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثانيَةِ وَالسَّبعينَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "منهج المتكلمين في البحث أوقـعهم في خطأ كبير هو قياس الله على الإنسان".
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "أما الصلاح والأصلح؛ فهو متفرع عن نظرتهم للعدل، وما قيل في العدل يقال فيه، والمشاهد في ذلك أن الإنسان قد يرى شيئًا فيه صلاح، فإذا اتسعت نظرته تغير رأيه. فالعالم الإسلامي اليوم دار كفر، ترك الحكم بالإسلام؛ ولذلك يراه جميع المسلمين أنه عالم فاسد، ويقول أكثرهم: إنه في حاجة إلى إصلاح، ولكن غير الواعين يرون أن الإصلاح يعني إزالة الفساد من الوضع الموجود، وهذا خطأ، بل العالم الإسلامي في حاجة إلى انقلاب شامل يزيل حكم الكفر، ويعمل به في حكم الإسلام، وكل إصلاح فيه إطالة لعمر الفساد. وبهذا يظهر اختلاف نظرة الإنسان للصلاح، فكيف يُراد إخضاع الله لنظرة الإنسان حتى نوجب عليه أن يفعل ما نراه نحن صلاحًا وأصلح؟ ولو حكَّمنا عقلنا لرأينا أن الله فعل أشياء لا ترى عقولنا أن فيها أي صلاح، فأي صلاح في خلق إبليس والشياطين؟ وإعطائهم القوة على إضلال الناس؟ ولم أنظرَ اللهُ إبليس إلى يوم القيامة؟ وأمات سيدنا محمَّدًا r؟ فهل ذلك أصلح للخلق؟ ولِمَ يزيل حكم الإسلام على الأرض، ويُعلي حكم الكفر، ويذل المسلمين، ويسلط عليهم أعداءهم الكافرين، هل ذلك أصلح للعباد؟ ولو سرنا في تعداد آلاف الأعمال، وقسناها على عقلنا وعلى فهمنا لمعنى الصلاح والأصلح لما وجدناها صالحة. ولذلك لا يصح قياس الله على الإنسان، ولا يجب على الله شيء: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ). (الأنبياء23)، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). (الشورى11) وما أوقـع المتكلمين في هـذا إلا منهجهم في البحث وقياسهم الله على الإنسان".
ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ بيان خطأ منهج المتكلمين، وقد اشتملت هذه الفقرة من كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول على الأفكار الآتية:
- إن قول المتكلمين بـ "الصلاح والأصلح" متفرع عن نظرتهم للعدل، وما قيل في العدل يقال فيه، والمشاهد في ذلك أن الإنسان قد يرى شيئًا فيه صلاح، فإذا اتسعت نظرته تغير رأيه.
- العالم الإسلامي اليوم دار كفر، تَركَ الحكم بالإسلام؛ ولذلك يراه جميع المسلمين أنه عالم فاسد، ويقول أكثرهم: إنه في حاجة إلى إصلاح.
- يفرق الشيخ بين فئتين من الناس:
- فئة غير الواعين: يرون أن الإصلاح يعني إزالة الفساد من الوضع الموجود.
- فئة الواعين: يرون أن فكرة الإصلاح فكرة خاطئة، وأن العالم الإسلامي في حاجة إلى انقلاب شامل يزيل حكم الكفر، ويعمل به في حكم الإسلام، وكل إصلاح فيه إطالة لعمر الفساد.
- يستنتج الشيخ من اختلاف نظرة الإنسان للصلاح والأصلح أنه لا يجوز إخضاع الله جل جلاله لنظرة الإنسان فقال: "وبهذا يظهر اختلاف نظرة الإنسان للصلاح، فكيف يُراد إخضاع الله لنظرة الإنسان حتى نوجب عليه أن يفعل ما نراه نحن صلاحًا وأصلح؟".
- ولو حكَّمنا عقلنا لرأينا أن الله فعل أشياء لا ترى عقولنا أن فيها أي صلاح، فأي صلاح في خلق إبليس والشياطين؟ وإعطائهم القوة على إضلال الناس؟ ولم أنظرَ اللهُ إبليس إلى يوم القيامة؟ وأمات سيدنا محمَّدًا r؟ فهل ذلك أصلح للخلق؟ ولِمَ يزيل حكم الإسلام على الأرض، ويُعلي حكم الكفر، ويذل المسلمين، ويسلط عليهم أعداءهم الكافرين، هل ذلك أصلح للعباد؟
- يضيف الشيخ أن فكرة الصلاح والأصلح غير صالحة في بحث العقيدة، فيقول: "ولو سرنا في تعداد آلاف الأعمال، وقسناها على عقلنا، وعلى فهمنا لمعنى الصلاح والأصلح لما وجدناها صالحة".
- يستنج الشيخ - رحمه الله - أنه لا يجوز، ولا يصح في بحث العقيدة قياس الله تعالى على الإنسان، فهو يقول: "ولذلك لا يصح قياس الله على الإنسان، ولا يجب على الله شيء: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ). (الأنبياء23)، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). (الشورى11)
- يرى الشيخ تقي الدين أن منهج المتكلمين في البحث أوقعهم في خطأ كبير وهو قياس الله - جل وعلا - على الإنسان. فيقول: "وما أوقـع المتكلمين في هـذا إلا منهجهم في البحث، وقياسهم الله على الإنسان".
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
إعداد الأستاذ محمد أحمد النادي