الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بنو إسرائيل في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم


هذه القصة وقعت بعد اجتياز موسى و بني اسرائيل البحر ومغادرتهم لمصر ونجاتهم من فرعون وجنوده .

 

تقول القصة انه بينما كان بنو اسرائيل سائرون وجدوا قوماً يعبدون الاصنام فماذا كان موقف بني اسرائيل من هؤلاء

القوم ؟؟؟

 

انه موقف اشد غرابة من مواقفهم السابقة : استمعن لهم ماذا قالوا لموسى عليه السلام :

{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)} [الاعراف].

 

مطلب في منتهى الجحود ونكران الجميل . الله سبحانه وتعالى ينجيهم من فرعون وجبروته وطغيانه , ويمن عليهم بالتحرر والانعتاق من العبودية والقهر والظلم , فكان رد الجميل ان طلبوا من موسى عليه السلام رسول رب العالمين ان يجعل لهم الهاً يعبدونه من دون الله , تصورن اخواتي , بدل ان يحاولوا هداية اولئك القوم الضالين ارادو ان يضلوا هم انفسهم . وليت الامر توقف عند هذا الحد , الا ان الامر الذي لا اجد له تفسيراً , ان يطلبوا من نبيهم بنفسه ان يجعل لهم الهاً , سبحان الله , يأتيهم نبيهم ليعلمهم التوحيد , فيطلبون منه ان يجعل لهم الها دون الله , هل يعقل هذا ؟؟ لكن ماذا نقول هؤلاء هم بنو اسرائيل وهذه طبيعتهم كفر النعم , و الجحود .او كما قال فيهم رسولهم موسى عليه السلام :قال : إنكم قوم تجهلون. والحقيقة انهم جاهلون فعلاً, رغم ان رسولهم بلغهم الرسالة وعلمهم الدين فانتفى عنهم الجهل الذي هو ضد العلم , الا ان هناك جهلاً اكبر واخطر كانوا ولا زالوا يعانونه انه الجهل بمعنى انعدام العقل , ولا اقول انهم كانوا حمقى بل اقول انهم كان لهم عقول لكنهم لم يستخدموها كما يليق بالانسان ان يفعل , فضلاً عمن هو مقرب الى الله ومفضل عنده , ويجب عليه ان يعمل عقله في البحث عن افضل الوسائل والطرق التي تعبر عن شكرهم لله واعترافهم بفضله ومنه . لكنهم بدل ذلك اجتهدوا في اثارة غضب ربهم ورسولهم عليهم , فهل هذا عمل ناتج عن تعقل وتدبر ؟ كلا ابداً بل هو ناتج عن جحود وتكبر .

 

فهل يعقل ان يكون موسى رسول لله ويتخذ لقومه الهاً من دون الله , لكن الاغرب ان يطلب قومه منه هذا الطلب وهم يعرفون من هو وما هي رسالته .

 

ولقد زجرهم موسى عليه السلام , وذكرهم بانعم الله عليهم ,حتى يثوبوا الى رشدهم , ويرتدعوا عن غوايتهم . لكنهم قوم لا ينفع معهم الزجر ولا التأنيب ولا التذكير
فها هم بعاودون المحاولة لاتخاذ اله لهم من دون الله, وذلك حين استغلوا فرصة غياب موسى حين ذهب للقاء ربه, فما دام موسىى يوافق على ان يجعل لهم الها, فقد استغلوا غيابه عنهم وعادو للشرك مرة اخرى, حال صنع السامري للعجل وادعائه انه اله موسى.

 

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ( 149)َولَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)}

 

لا امل فيهم ولا رجاء في اصلاحهم , فها هم قد عادوا لعبادة الاوثان , لكن هذه المرة لن يكون الرد على جريمتهم نفس الرد على الجريمة السابقة ففي المرة السابقة كان الرد عليهم عتاب من موسى شديد وتذكير قوي.

 

اما الان فموقف حاسم حازم يناسب المقام يناسب الجريمة البشعة التي اقترفوها فهي الان لا شبهه للجهل فيها بل اصرار على الكفر والمعصية
فلا تقدير لنبيهم هارون الذي نصحهم وحاول منعهم من الوقوع في الضلال والكفر, بل معصية وايذاء وتهديد بالقتل. ولا اعتبار لموسى الذي انما ذهب للقاء ربه ليتلقى منه تفاصيل الرسالة وتعاليم الدين الذي فيه النور والهداية لهم والرحمة لمن اتبعه وسار على هديه, وفوق كل ذلك لا اعتبار لربهم الذي احسن اليهم ومن عليهم والذي يقر كل عاقل على حقه في الافراد بالعبودية والطاعة . .

 

قد وضحت حقيقتهم من خلال الاحداث التي مرت والتي بينت كم هم منكرون للمعروف جاحدون للحق رافضون للنصح والهداية .

 

وكما بينت الايات الكريمة فقد كانت عقوبتهم ان باؤوا بغضب من الله وضربت عليهم الذلة في الحياة الدنيا
ولقد كانت هناك عقوبة اخرى لم تذكر في هذه الايات وانما ذكرت في سورة البقرة حيث قال تعالى :

 

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}

 

نعم لقد كانت عقوبةً وكان تنفيذُها بأيديهم, اذ حَكَمَ عَلَيْهِم ربُّهم ان يقتلَ المحسنُ منهم المسيءَ, ولعل تلك العقوبةَ كانت امتحاناً لهم ودرساً لا ينسى, فَأَن يقتلَ الناسُ بعضُهم بَعْضَاً ليسَ بالشيءِ الهيِّنِ ولَا اليَسِيرِ, فليس من السهل ان يقتل الاخُ اخاه, او الابُ ابنَه. لكنهم استحقوا هذا الدرسَ القاسي ليتعلموا ان يأخذوا على يدِ الظالمِ ويأطُروهُ على الحق اطراً, لا ان يتركُوه يضلُّ ويطغَى وهم ينظرون .

 

لكنه تعالى قد اقر حقيقة هي لبني اسرائيل ولغيرهم من البشر الا وهي انه يقبل توبة التائبين الذين يعترفون بذنبهم ويقررون الاقلاع عنها وعدم العودة لها مرة اخرى.

 

اما بنو اسرائيل فقد كان العفوُ والمثوبةُ واعطاءُ الفرصِ المتتاليةِ هوَ مِمَّا منحهُ اللهُ لهم ابتلاءً وامتحاناً وقد فازَ من اعتَبَرَ, واستفادَ مِن تلك الفرص من تَدَبَّرَ, وقد خاب من اصم اذنيه واغمض عينيه عن تلك المنن والافضال. وان الذين استفادوا مما اعطاهم الله تعالى من الفرص الثمينة كانوا قليلين جداً قياساً بمن اصر على المعصية والجحود والضلالة, وهذا ما نلاحظه في قصة من اختارهم موسى لميقات ربه: وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ.

 

لقد اختارهم موسى من عقلاء القوم ورافقهم لميقات ربه اي موعده مع ربه على اعتبارهم نقباء وعقلاء فاذا بهم يظهرون انهم ليسوا افضل من عامة القوم ولا اوعى من سفهائهم .

 

فقد بينت لنا سورةُ البقرةِ سببَ الرجفةِ التي اخذَتْهم , والعفوَ الذي طَالَهُم. 
{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)} [البقرة]. هل رأيتن اجرأ على الله من هؤلاء !!!

 

يشترطون على موسى رؤية الله جهراً قبل ان يؤمنوا ويطيعوا, وكأنه هو المحتاج اليهم وليس هم من يحتاجون اليه والى ما جاء به من عند الله من رحمة وهدى, وكانهم لا يذكرون العقاب القريب الذي اخذ اخوتهم ممن عبد العجل وكفر بالله الخالق الباريء.

 

فجاء الجواب على شرطهم من الله تعالى وليس من موسى , حيث ارسل عليهم الصاعقة فاحرقتهم جزاء جرأتهم تلك.

 

ثم من عليهم مرة اخرى بأن احياهم من جديد, ليعرفوا ويتذكروا فضلَ الله عليهم, ورحمتَهُ بهم.

 

فالله يريد ان ينسيهم محنتَهم مع فرعون, وان يعوضهم عن تلك الايام المرة, لكنهم لا يفهمون, ولا يقدرون, بل كل ما يصدر عنهم يدل على انهم قوم معاندون متشككون مرتابون، استحقوا غضب الله ولعنته عن جدارة، قاتلهم الله انى يؤفكون.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع