سلسلة من قلب الثورة السورية على ماذا و مع من نتحاور؟ ح6
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ارتفعت الأصوات في العالم تدعو لحل ما يسمى بالأزمة السورية وأن الحل لا يتأتى إلا بالحوار، بل إن أصوات بعض الدول التي ما سمعنا بصوتها عالمياً إلا نادراً، كالصين، بدأ يرتفع داعياً إلى الحوار من أجل إيقاف العنف. حتى إيران وروسيا أصبحتا فجأة قوى لها كلمة فطالبتا بالجلوس لطاولة الحوار للوصول لإيقاف العنف المتزايد في سوريا. بل إن رأس النفاق الأكبر، أمريكا، زعمت بأن المشكلة السورية شديدة التعقيد ولايمكن حلها إلا بإيقاف العنف من كل الأطراف والحوار.
المثل الشامي المعروف يقول: مجنون يحكي وعاقل يسمع.
مافتئت القوى الدولية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية تحاول مستميتة بكافة الوسائل والطرق والألاعيب والحيل الإطالة في عمر هذا النظام، لأن نهايته يعني نهايتها. نعم نحن نجزم بأن أمريكا تعي أن الشارع السوري قد كشفها وعرّاها تماماً. فلم يعد ينطلي علينا مزاعمها وترهاتها. ونعي أن أمريكا تبحث عن عميل بدل عميل، وأنها لاتريد لسوريا خيرا، لا هي ولا أوروبا. فتترك لهذا السفاح المجال ليقتل ويسفك الدماء حتى ذلك الحين. ولكن استطاعت الثورة السورية المباركة ولله الحمد أن تكشف كل مستور وأن تفضح كل الأكاذيب. فقد كشفت الثورة السورية سوأتها بلا جدال. أما كيف؟ فهذا سهل التوضيح.
كانت أمريكا طوال عهد الأسد الأب تتظاهر بأنها ضد نظامه، كي تعينه على قيادة البلد باسم الممانعة والمقاومة، واستمرت هذه الألاعيب في عهد الأسد الإبن. وما أن انطلقت الثورة في سوريا، حتى كشر النظام عن أنيابه التي عرفناها من قبل، فلم نفاجأ بوقاحته وشراسته ودمويته. إلا أن رجل الشارع في سوريا كان يُحسن الظن بأمريكا للأسف، فكانت الفكرة أن أمريكا ستقوم بما قامت به في مصر، من ضغط على الرئيس كي يتنحى ومن تحييد الجيش لتغيير النظام القائم.
لقد اسدت الإدارة الأمريكية الخرقاء بموقفها الواضح والجلي من النظام السوري ومن الثورة السورية، خدمات لا تُقدر بثمن. فقد كنا نخوض في نقاشات سياسية هادفة فيما مضى، لفضح أكاذيب النظام حول الممانعة والمقاومة وحول عدائه لأمريكا ولربيبتها في فلسطين، إلا أن الناس كانوا يتقبلون بصعوبة مثل هذه المفاهيم. والآن لا يختلف إثنان في الشارع السوري أن أمريكا تستميت بإمداد هذا النظام السفاح بوسائل وأدوات الحياة لتحقيق مآربها ومخططاتها.
نعم وضحت الصورة. أما مواقف روسيا والصين وإيران فلا قيمة لها. والكل يعلم أنها تابعة بمواقفها لا متبوعة ولا نفوذ ولا أمل لها في سوريا. وزاد الشمس انكشافاً، إزاحة ضباب الموقف التركي، وظهور أردوغان وأوغلو وغول بأنهم كاذبون دجالون، يقومون بأدوار رسمتها لهم السياسة الأمريكية بدقة، على حساب دماء أبناء جلدتهم من المسلمين، فيا ويلهم من عذاب الله وحسابه.
لقد أوصل النظام القاتل في سوريا أهلها إلى طريق اللاعودة، بحقده وكراهيته ودمويته، فمازال الابن يتجرع كأس أبيه وأمه المليء بدماء زكية، وبمباركة بني صهيون في فلسطين وأمريكا.
المخلصون، وخاصة في الداخل، يعلمون علم اليقين أن هناك من اندس بين الصفوف للصعود حين الحاجة إلى واجهة البضاعة، ليجلس باسم الثوار على طاولة حوار. وبحجة ايقاف نزيف الدم، سيتحاور ويتفق، ويطيل بل ويثبت بذلك النظام ويدوس على ضحايا الثورة، الذين سقطوا لإزاحة هذا النظام، ليس إلا. هذا ما استماتت فيه أمريكا وما حاولت أن يقوم به الأسد، ولكنها فشلت حتى الآن.
ونقول لتلك السياسات الغربية الخرقاء، على ماذا نتحاور ومع من؟ إن كنا نحن أصحاب الحق وأصحاب السلطان، قد أعلنّاها أن النظام فاقد للشرعية وللأهلية ولا نعترف به إلا كونه عصابات قاتلة، تذبحنا بأموالنا وبتأييدِ أمريكي وقح وبأدواتها الروسية والصينية والإيرانية.
إن محاولات النظام البائس لجعل القتل والفوضى في البلاد هو المشكلة، التي يريدنا الغرب والشرق أن نتفاوض معه حولها، هذه المحاولات لن تنجح، لأننا والحمد لله نعي تماماً أنها أكاذيب، وأنها ليست هي المشكلة، بل قلع نظام الأسد برمته هو ما خرجنا من أجله، لا من أجل إزالة "رئيس" فقط. ولن نعود إلا بعد إزالة النظام برمته والإطاحة بكل نفوذ غربي، وإقامة نظام رشيد بدلا عنه بإذن الله.
إن الثورة ماضية، كما صرخ ثوار حمص بكل إباء وعزة "والله لو قتلتنا كلنا يابشار لن نقف عن الثورة حتى نزيلك". بل إن أبطال إدلب رفعوها شامخة "والله لو وضعوا الشمس في يميننا والقمر في شمالنا ماتخلينا عن هذه الثورة حتى ينصرنا الله أو نهلك دونها".
هل هناك أقوى وأمضى من هذه الكلمات؟
إنه إرث محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه، حين كان ضعيفاً وحيداً قي مكة، والكل يتآمر عليه، لإيقاف الدعوة بأي شكل. بالحوار، بالمفاوضات، بالترغيب، بالترهيب، بكل وسيلة متاحة لهم. إلا أنه كان شامخاً صلباً لايحيد ولا يميل عن طريقه المستقيم، صبر وصبر، حتى ظفر وانتصر.
ونحن كذلك في شام الصمود، شام الشموخ، شام الإسلام وبركة دعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام. ألم ينادي الأقصى بالأمس ثوار سوريا ينبههم قائلا:
هذه الشام .. ليست أي كلام.. إنها الشام..عقر دار الإسلام! وكذلك هي بإذن الله تعالى.
ورغم أن المخاض عسير، إلا أن النصر يلوح في الأفق.
كتبه للإذاعة: حامد الشامي