تأملات في كتاب من مقومات النفسية الإسلامية الحلقة المـائة وست عشرة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: " قواعد ومبادئ التغيير".
للعملية التغييرية قواعد وسنن ومبادئ ينبغي التنبه إليها وإدراكها ومن ثم مراعاتها وحسن التعامل معها. إن أي إخفاق في فهم ومراعاة هذه القواعد قد يؤدي إلى إخفاق جزئي أو كلي للعملية التغييرية. ورغم أننا لا نزعم أن هذه القواعد صالحة لكل زمان ومكان ولجميع الظروف والأحوال ومع كل البشر، إلا أنها تبقى قواعد ومبادئ عامة هامة يحسن الاسترشاد بها والانتباه إليها عند التعامل مع أية عملية تغييرية. ويمكن الإشارة إلى بعض هذه القواعد والمبادئ وهي ثلاثون:
- أولا: لتغيير السلوك ينبغي تغيير المفاهيم عن الحياة أولا, وقد تم توضيحه.
- ثانيا: ينبغي إدراك سنة الله في التغيير, وقد أوضحناها في الحلقة السابقة.
- ثالثا: ينبغي أن يكون التغيير تغييرا انقلابيا جذريا شاملا. لا أن يكون إصلاحا جزئيا, أو ترقيعا يطيل من عمر النظام الفاسد.
- رابعا: فكرة التدرج في التغيير, فكرة خبيثة, لأنها تؤدي إلى تعطيل العمل بالأحكام الشرعية التي أنزلها الله في كتابه, وبينها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته, فليس لنا بعد أن أكمل الله سبحانه وتعالى لنا ديننا, ورضي الإسلام لنا دينا إلا أن نذعن وننصاع لأمر ربنا جل في علاه. وإذا طالعنا سيرة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين رأينا كيف كانت سرعة استجابتهم لأحكام الإسلام, وكيف كان التزامهم كاملا به منذ اللحظة الأولى لدخولهم فيه!
- خامسا: تتغـير الماديات بمعدل أسرع من تغـير الأفكار.
- سادسا: كلما ارتفعت طموحات الناس ومستوياتهم الثقافية كان استعدادهم للتغيير أكبر وأفضل.
- سابعا: يتفاعل الأفراد مع التغيير, ويزداد قبولهم له كلما أتيحت لهم فرصة أكبر لمناقشته والتحاور بشأنه.
- ثامنا: تزداد فرص نجاح التغيير إذا توافر فريق عمل من الاختصاصيين والاستشاريين.
- تاسعا: لسان الحال أبلغ من لسان المقال، وصوت الفعل أقوى وأعذب من صوت القول، ولا يمكن للتغيير أن ينجح ويستمر في النجاح بمجرد الكلام والخطب, ولكن بالممارسة والتطبيق.
- عاشرا: كل تغيير له ثمن، فإما أن تدفع ثمن التغيير أو تدفع ثمن عدم التغيير، علما بأن ثمن التغيير معجل, وثمن عدم التغيير مؤجل، والعاقل من أتعب نفسه اليوم ليرتاح غدا.
- حادي عشر: نقد العملية التغييرية ومعارضة بعض جوانبها ظاهرة صحية, يحسن الاستفادة منها وعدم إجهاضها.
- ثاني عشر: عالج ثم عالج، واستمر في معالجة مشكلات العملية التغييرية وإخفاقاتها.
- ثالث عشر: مثل التغيير من غير قيادة كمثل الجسد من غير رأس.
- رابع عشر: الجهل بالشيء سبب لمعاداته، لذا فالتعليم والتدريب على التغيير المراد اتخاذه سبب لقبوله والتآلف معه.
- خامس عشر: كلما كان التغيير مجربا كان ذلك أدعى للقبول، لذا يحسن أن نبحث عن أماكن تطبيق هذا التغيير؛ ليكون لنا ذلك سندا وحجة.
- سادس عشر: للتغيير اتجاهان، الأول من القيادة إلى القاعدة، والثاني من القاعدة إلى القيادة، وكل واحد منهما فيه مشكلات وسلبيات. إن أفضل اتجاه للتغيير هو التغيير المزدوج، أي ما كان من القيادة إلى القاعدة؛ ليسهل التطبيق, ومن القاعدة إلى القيادة؛ لتخف حدة المقاومة.
- سابع عشر: كلما كان التغيير لا يهدد مصالح الآخرين كان أكثر قبولا لديهم، لذا ينبغي الحرص على تطمينهم, وكذلك على تطويع العملية التغييرية بحيث تحقق أقل خسارة ممكنة للآخرين.
- ثامن عشر: العمل الفردي لا يجدي نفعا، وطريق التغيير طويل وشائك، لذا فلا بد من العمل الجماعي, فالمغير بحاجة إلى خليل مؤيد لأفكاره التغييرية, يؤانسه في وحشته, ويخفف عليه غربته, ويسليه عندما يضيق صدره من نقد المعارضين, وإساءة المقاومين.
- تاسع عشر: التغيير السليم في التخطيط والتكتيك السليمين.
- عشرون: لكل تغيير مقاومة ظاهرة, وأخرى خفية، ينبغي الحرص على التعرف إليها وتذليلها وترويضها، وينبغي عدم إهمالها فيتعاظم أمرها, ويزداد شرها.
- واحد وعشرون: هناك نفر قليل من الناس لو تغير حمار ابن الخطاب لما تغيروا، وأفضل أسلوب للتعامل مع هؤلاء هو عدم الالتفات إليهم، كما أن الزمن كفيل بمسحهم وإزالتهم إما بالإقالة من مناصبهم أو بالاستقالة أو بالتقاعد أو بالانتقال أو بالموت.
- اثنان وعشرون: إذا أردنا أن نحكم على تغيير ما بالإعدام أو الإجهاض جعلناه قسريا من غير إقناع ولا اقتناع.
- ثلاث وعشرون: آخر الدواء الكي وليس أوله، ومن يك حازما فليقس أحيانا على من يرحم, وربما نحتاج أحيانا إلى قول القائل: "إنما العاجز من لا يستبد".
- أربع وعشرون: الغاية في التغيير لا تبرر الوسيلة، إذ إن غاية التغيير ينبغي أن تكون شرعية, ووسيلته ينبغي أن تكون شرعية أيضا، فالتغيير عملية شرعية بالدرجة الأولى.
- خمس وعشرون: تفهم الأسباب التي من أجلها يقاوم الأفراد التغيير مدخل مهم لإزالة هذه المقاومة، ومن ثم لنجاح العملية التغييرية.
- ست وعشرون: كلما كانت العلاقات الإنسانية جيدة بين المغير والمتغير أصبح التغيير أكثر سهولة وقبولا، والمقاومة أقل حدة.
- سبع وعشرون: إن الذي يصمم على التغيير سينجح بإذن الله تعالى على المدى البعيد، حيث إن الأجيال الجديدة تريد التغيير وتهواه.
- ثمان وعشرون: ما خاب من استخار, وما ندم من استشار، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن.
- تسع وعشرون: الطيرة شرك، والتفاؤل من شيم الكرام، و{إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
- ثلاثون: الاستعانة بالله، والتوكل عليه، ومن ثم الحزم وعدم التردد، كل ذلك أسلحة لا يستغني عنها المغير المسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي