معالم الإيمان المستنير الإيمان بالملائكة ح18
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان الإيمان. والمسلم يؤمن بما أخبر الله عز وجل في القرآن الكريم عن وجود الملائكة، وعن خلقهم ووظائفهم وأعمالهم التي لا ندركها بحواسنا البشرية.
والملائكة خلق عظيم، وعددهم كثير لا يحصيه إلا الله، خلقهم الله من النور، وطبعهم على الخير، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار، لا يفترون ولا يسأمون من عبادة الله عز وجل، ولا يأكلون ولا يشربون.
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن مادة خلقهم، فعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خلقت الملائكة من نور, وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم". (رواه مسلم)
أيها المؤمنون:
والملائكة يتفاوتون في الخلق تفاوتا كبيرا، فقد صح أن جبريل عليه السلامله ستمائة جناح، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:" في قوله تعالى: ( ما كذب الفؤاد ما رأى ). (النجم11) قال: "رأى جبريل له ستمائة جناح". (مسلم254) وقال تعالى: ( الحمد للـه فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن اللـه على كل شيء قدير ). (فاطر1). وأخبرنا الله تعالى عن خزنة النار فقال: ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللـه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ). (التحريم6)
خلق الله الملائكة خلقا خاصا، فهم لا يوصفون بالذكورة ولا بالأنوثة، ولكنهم عباد مكرمون. قال الله سبحانه منددا بالكافرين: ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمـن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ). (الزخرف19) وقال تعالى: ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . (النجم2-28) وقد جعل الله للملائكة القدرة على أن يتمثلوا في صورة البشر بإذنه، وذلك لأن البشر غير معتادين على رؤية الملائكة. وإليكم أمثلة على ذلك: عندما جاء جبريل عليه السلام إلى مريم جاءها في صورة بشر سوي الخلق كامل البنية، يبشرها بكلمة الله عيسى عليه السلام، قال تعالى: ( فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ). (مريم:17).
وروى أبو داود في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا نعرفه حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام ... والحديث طويل ومشهور. ثم قال يا عمر هل تدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".
وروى أبو داود في سننه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة عام". وروى أحمد في مسنده عن عائشة أ ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت جبريل عليه السلام منهبطا قد ملأ ما بين السماء والأرض وعليه ثياب سندس معلقا به اللؤلؤ والياقوت". وأخرج البخاري عن أبي طلحة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة".
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.