معالم الإيمان المستنير الإيمان بالملائكة ح4
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
نتابع معكم احبتنا الكرام الحديث حول الإيمان بالملائكة. فنقول وبالله التوفيق :
الملائكة والجن مختلفون في أمور ونواح كثيرة :
الملائكة مخلوقات نورانية لطيفة، خلقهم الله تعالى لعبادته، وجعلهم عبادا مكرمين مجبولين على طاعته، ليس فيهم كافر ولا عاص, بل جميعهم مسلمون صالحون لا يعصون الله تعالى ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وهم لا يتوالدون ولا يتناكحون؛ لأنهم ليسوا ذكورا ولا إناثا. ولا يأكلون ولا يشـربون؛ لأن الله عز وجل لم يخلق فيهم شهوة الأكل والشـرب. قال تعالى: ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون * فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشـروه بغلام عليم ). (الذاريات27) وقال تعالى: ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ). (هود 70) ومنهم موكلون بنصـرة أولياء الله تعالى وقهر أعدائهم. وهناك ملائكة يتعاقبون في البشر بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر قال تعالى: ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) (الإسراء78) ويحفظون البشـر إلا من شيء قدر الله تعالى أنه يقع ويصيبهم.
ومن ملائكة الرحمة الذين يحضرون المؤمن التقي عند الموت في حال النزاع, وقبل أن يحضر ملك الموت ليقبض الروح، فهؤلاء الملائكة يظهرون لهذا المؤمن الصالح التقي في صور حسنة جميلة، ويبشرونه بالجنة فيسر برؤيتهم سرورا عظيما مهما كان يقاسي من آلام سكرات الموت الشديدة. ومنهم موكلون بزيارة المؤمنين الصالحين ليفرجوا عنهم كروباتهم وينشطوهم على طاعة الله تعالى.
وأما الجن فقد خلقهم الله من لهب النار الصافي كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: ( وخلق الجان من مارج من نار ) (الرحمن15) والجن كالإنس من حيث إنهم زوجان: ذكر وأنثى، وفيهم قابلية فعل الخير, وقابلية فعل الشر, ففيهم المؤمن والكافر، والبر والفاجر, والتقي الصالح, والعاصي الفاسق، وفيهم أكذب خلق الله تبارك وتعالى. وقد خلق الله سبحانه وتعالى فيهم شهوة الأكل والشرب والجماع فهم يأكلون ويشربون ويتوالدون ويتناكحون.
والجن خلق يستترون عن أعين البشر، ولكنهم يتشكلون بقدرة الله عز وجل بأشكال مختلفة، ولا يراهم أحد من البشر على هيئتهم الحقيقية الأصلية التي خلقوا عليها لقول الله تعالى في شأن إبليس وذريته: ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ). (الأعراف27). فمن هنا نعلم أن الملائكة والجن ليسوا من جنس واحد. وأن إبليس اللعين كان من الجن الكفرة، ولم يكن طاووس الملائكة كما يروج بعض العامة من الناس؛ لأن ملائكة الرحمن لا يعصون الله تعالى ولا يكفرون، وإبليس اللعين هو الذي كفر واعترض على أمر الله تعالى, فلم يسجد مع الملائكة المكرمين لآدم سجود تحية واحترام وتكريم. قال الله تعالى: ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ). (الكهف50).
من أعمال الشياطين الكفرة :
ومن أعمال الشياطين تزيين المنكرات للناس وأمرهم بفعل المعاصي, وترك الفرائض، ومن أعمالهم الوسوسة في صدور الناس, وتشكيكهم في الطهارة وفي أداء الصلاة. ومن أعمالهم تحريك الشهوات لدى الرجال والنساء ودفعهم للزنا، وإثارة الفتن في البيوت بين أهلها، وإشاعة الأخبار الكاذبة، وإشغال أوقات الناس عن أداء ما فرض الله عليهم، وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، وتزيين أفعالهم القبيحة المنكرة. نعوذ بالله من ذلك!
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.