الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم أثبت مدى حاجة الأمة لدولة الخلافة ح2

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الواحد القهار, عدد أغصان الأشجار, وعدد ما خلق الله في البحار والأنهار والقفار, والصلاة والسلام على النبي المختار, وآله الأطهار, وصحبه الأبرار, وتابعيه الأخيار, ما تعاقب الليل والنهار, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا عزيز يا غفار.


أيها المؤمنون:


وقد حصلت الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم في زمنه, ففي السنة السادسة من الهجرة عقد صلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبين قريش على أن يدخل المسلمون مكة للحج بعد عام. ولكن قريشا نقضت هذا العهد فجهز الرسول صلى الله عليه وسلم جيشا قويا لمحاربة المشركين وفتح مكة. ولما كان الشعر في العصور القديمة وسيلة الإعلام العامة. نزل ميدان الحرب واستخدمته الأطراف المتحاربة وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم به فقال: "اهجهم يا حسان فإن شعرك أشد عليهم من وقع السيوف". لذلك انبرى حسان بن ثابت رضي الله عنه يهجو قريشا ويشيد ببطولة المسلمين من الأنصار والمهاجرين وبشجاعتهم ويعلن تصميمهم على قتال المشركين وفتح مكة ما لم توافق قريش على دخول المسلمين مكة وأدائهم العمرة، ويرد على أبي سفيان بن الحارث الذي هجا الرسول صلى الله عليه وسلم وكان مما قاله في هذا الشأن:


عدمنا خيلنا إن لم تروها            تثير النقع موعدها كداء
يبارين الأسنة مصغيات          على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات                 تلطمهن بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا     وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم                يعين الله فيه من يشاء
وقال الله قد يسرت جندا         هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد                قتال أو سباب أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا       ونضرب حين تختلط الدماء
وقال الله قد أرسلت عبدا            يقول الحق إن نفع البلاء
شهدت به وقومي صدقوه            فقلتم ما نجيب وما نشاء
وجبريل أمين الله فينا              وروح القدس ليس له كفاء
ألا أبلغ أبا سفيان عني                فأنت مجوف نخب هواء
هجوت محمدا فأجبت عنه              وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء                فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركا برا حنيفا                   أمين الله شيمته الوفاء
فمن يهجو رسول الله منكم               ويمدحه وينصره سواء
فإن أبي ووالده وعرضي               لعرض محمد منكم وقاء
فإما تثقفن بنو لؤي                         جذيمة إن قتلهم شفاء
أولئك معشر نصروا علينا                ففي أظفارنا منهم دماء
وحلف الحرث ابن أبي ضرار             وحلف قريظة منا براء
لساني صارم لا عيب فيه                  وبحري لا تكدره الدلاء


بأبي أنت وأمي يا رسول الله! روحي فداك! ونفسي ومالي وأهلي وأولادي, وكل ما أملك! عدمنا أنفسنا وأموالنا وأهلينا وقوتنا وأسلحتنا إن لم ننصرك ونذب عنك!


أيها المؤمنون:


وها هو التاريخ يعيد نفسه حيث يذاع الآن أن بعضا ممن يطلق عليهم أقباط المهجر، أقباط ذمة المسلمين في مصر المهاجرون إلى أمريكا وغيرها، قد أنتجوا فيلما روائيا سينمائيا عن الرسول صلى الله عليه وسلم يسيئون إليه فيه، وهذه الجمعيات المسماة بأقباط المهجر هي جمعيات مشبوهة لها ارتباطات وثيقة بالمخابرات الأمريكية، تستخدمها أمريكا ذريعة للتدخل في شؤون المسلمين، للضغط على حكوماتهم وعلى الرأي العام، ولاستغلالها للابتزاز السياسي وتمرير خططها. فأمريكا تستخدم الأقباط والنصارى عموما وغيرهم ممن يسمون بالأقليات في العالم الإسلامي وقودا تشعله لخلق ذرائع للتدخل السياسي, ومن ثم العسكري بحجة حماية الأقليات ومنع الاضطهاد، وكثيرا ما ينخدع الأقباط وغيرهم بذلك، ويتصورون أن الغرب الكافر يتحرك حمية لدينهم أو لإنسانيتهم كما يدعون، وهو في الحقيقة لا يبالي بهم، بل يبالي بمصالحه فقط، وهو في النهاية خاذلهم وتاركهم وراءه حال تحقيقه لأهدافه، ولن يجلب لهم سوى الخزي والعار ودماء تنزف.


أيها المؤمنون:


ولو أن أمة غير أمة الإسلام هي التي يعيش في كنفها وفي ذمتها الأقباط والنصارى وغيرهم لما أبقت منهم أحدا بعد انتصارها على جيوش أوروبا المسيحية في الحروب الصليبية، ولكنها أمة كانت تحكم بشرع الله تعالى الذي خاطبها بقوله: ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ). فلا يعتدى على الرعية من غير المسلمين ما داموا يخضعون لسلطان الدولة ولا يخرجون عليها. ونحن المسلمون لا نقبل الإساءة إلى أي نبي من أنبياء الله تعالى، سلام الله عليهم أجمعين، ومن يسئ إليهم نعتبره كافرا بهذه العقيدة منكرا لها، صادا عن الإسلام.


أيها المؤمنون:


إن جريمة بعض هؤلاء الذين يسمون بأقباط المهجر في الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي قضية سياسية في المقام الأول، لا بد أن تتصدى لها دولة تحكم بالإسلام، وتطبق شرع الله، وتقف بقوة في وجه أمريكا والدول الاستعمارية الأخرى التي تحارب الإسلام، وتحتضن من يسيئون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللإسلام والمسلمين، وتستغلهم وتحركهم لمآربها الخاصة، إضافة إلى أن أمريكا دولة محاربة للإسلام والمسلمين، فلا بد من غلق سفاراتها، وقطع المعاهدات معها، وكشف خططها في ضرب الإسلام والمسلمين باستخدام أهل الذمة، وتحذير أهل الذمة من استغلالها لهم، ومحاولتها زرع الفتنة وتأجيج جموع المسلمين عليهم بما لا يحمد عقباه، فتستخدم دماءهم لتحقيق مصالحها.


أيها المؤمنون:


لقد أثبت هذا الحدث من جديد مدى حاجة هذه الأمة لدولة الخلافة التي تحمي ثغورها, وتغار على دينها ومقدساتها, وتضرب كل من يحدثه شيطانه بالإساءة إلى دينها بيد من حديد، فالدولة الإسلامية، دولة الخلافة، عملها الأصلي هو حمل الدعوة الإسلامية، وسياستها الخارجية لا بد وأن تدور حول هذا المحور، وعلاقاتها الخارجية يجب أن تبنى على هذا الأصل، فأي منع للإسلام من الوصول إلى أذهان الناس، ووضع العوائق أمام ذلك بقهر أو تشويه أو تحريف أو استهزاء بالإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم ومقاييس وأنظمة وقناعات، يستوجب على الدولة التصدي له بكل الوسائل والأساليب الشرعية المتاحة، بل ومن أجل ذلك شرع الجهاد في سبيل الله. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).


أيها المؤمنون:


إن الفيلم الذي أثار حفيظة المسلمين وغضبهم أنتجه مجموعة من أقباط المهجر بالتعاون مع القس الأمريكي المتطرف تيري جونز، متذرعين في ذلك بحرية التعبير وهو الأمر الذي أكده مسؤول الاتصال السياسي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، حين قال: "إن الحكومة الأمريكية ترفض أي إساءة لأي دين وبالذات الدين الإسلامي وإن من فعلوا هذه الإساءات إنما يعبرون عن أنفسهم, ولا يعبرون عن سياسة الدولة، ولكن القانون الأمريكي به باب يكفل لهم حرية التعبير. لذلك لا تستطيع الحكومة الأمريكية التطرف لهم أو معاقبتهم".


أيها المؤمنون:


إن الأمة الإسلامية لن ترضخ بعد اليوم لمثل هذه المبررات الواهية, وقد كثرت الإساءات والانتهاكات لمقدساتها تحت ذريعة حرية التعبير هذه. إن الحريات التي يتشدق بها الغرب لا تعني أمة الإسلام في شيء، فقد كفرنا بها وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده. إن أمة الإسلام لن تستكين بعد اليوم لموقف حكامها المتخاذلين المتواطئين مع الغرب الكافر، لن تستكين لردهم المتمثل في الشجب والإدانة والاستنكار الخجول. لقد باتت الأمة تعرف الطريقة التي ترد بها على المتطاولين على مقدساتها، وإن ما حصل في مصر وليبيا ما هو إلا البداية في السير في الطريق الصحيح والذي سيكتمل بإذن الله تعالى بقول خليفة المسلمين، من لي بأوباما رأس الكفر، فقد أذن لرعاياه بالإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم الحرية والديمقراطية، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "من لي بكعب بن الأشرف, فقد آذى الله ورسوله". فقام محمد بن مسلمة الأنصاري, وذهب إليه في قصره وقتله, وأراح المسلمين من تطاول الكافرين ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ).

 

أيها المؤمنون:


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 


أعده الأستاذ محمد أحمد النادي

 

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع