معالم الإيمان المستنير الحشر إلى دار القرار ح1
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
في ختام يوم القيامة يجمع العباد ويحشرون إما إلى الجنة وإما إلى النار، وهما المقر والمأوى الأخير الذي يصير إليه العباد جميعا. قال تعالى: (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى). (النازعات 41)
أيها المؤمنون:
في آخر ذلك اليوم يطلب من كل أمة أن تتبع الإله الذي كانت تعبده، فالذي كان يعبد الشمس يتبع الشمس، والذي كان يعبد القمر يتبع القمر، والذين كانوا يعبدون الأصنام يتبعونها، والذين كانوا يعبدون الصليب يتبعونه، والذين كانوا يعبدون فرعون يتبعونه، كما قال تعالى في فرعون: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود). (هود98)
عن ابن عباس قال: "لما نزل قوله تعالى: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون(. (الأنبياء 100) شق ذلك على كفار قريش وقالوا: شتم آلهتنا، وأتوا ابن الزبيري وأخبروه فقال: لو حضرته لرددت عليه، قالوا: وما كنت تقول له؟ قال: أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى, وهذا عزير تعبده اليهود، أفهما من حصب جهنم؟ فعجبت قريش من مقالته, ورأوا أن محمدا قد خصم فأنزل الله قوله تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون (". (الأنبياء 103)
أيها المؤمنون:
ويعطى المؤمنون يوم القيامة نورا يكشف لهم الطريق الموصلة إلى جنات النعيم، ويجنبهم العثرات والمزالق، حين يسيرون على الصراط المنصوب على متن جهنم، قال تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) . (الحديد 12)
وأما المنافقون فيطفأ نورهم، ويحرمون النور يوم القيامة؛ لأنهم في الحقيقة مفارقون للمؤمنين ولا يهتدون بهداهم ولا يسلكون سبيلهم من النور، كما حرموا أنفسهم في الدنيا من نور القرآن العظيم. ويوم القيامة يقول المنافقون للمؤمنين: "انتظرونا لنستضيء بنوركم". وهناك يخدعون كما كانوا يخدعون المؤمنين في الدنيا، ويقال: لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، وبذلك يعود المنافقون إلى الوراء, ويتقدم المؤمنون إلى الأمام. فإذا تمايز الفريقان ضرب الله بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة, وظاهره من قبله العذاب، ويكون مصير المؤمنين والمؤمنات الجنة، ومصير المنافقين والمنافقات النار، كما قال تعالى: (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير). (الحديد 15)
وقد أخبر الحق سبحانه وتعالى أن دعاء المؤمنين عندما يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم هو: (ربنا أتمم لنا نورنا) يقول المؤمنون هذا القول حين يرون نور المنافقين قد طفئ. قال تعالى: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ). (التحريم 8)
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.