معالم الإيمان المستنير آثار الإيمان باليوم الآخر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
الإيمان باليوم الآخر له أهمية كبيرة، وأثر بالغ في حياة الإنسان، لذا نجد أن الله تعالى كثيرا ما يربط بين الإيمان به سبحانه والإيمان باليوم الآخر، كما قال تعالى: ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ). (البقرة 177)
أيها المؤمنون :
هذا, وللإيمان باليوم الآخر آثار كثيرة في حياة المسلم، من أهمها ما يأتي :
أولا :
توجيه سلوك الإنسان نحو سبل الخير: إن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب هو الذي يوجه الإنسان نحو سبل الخير، وينمي في النفس حب الخير، ليلقى ثوابه في جنات ونهر، ويكره النفس في الشر ودواعيه خوفا من نار تلظى.
ثانيا :
تعزيز تقوى الله تعالى : يتلو المسلم سورة الزلزلة وفيها قول الله جل في علاه: ( بسم الله الرحمن الرحيم إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ). ويتلو قوله تعالى: ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ). (آل عمران30) حين يتلو المسلم تلك الآيات يعلم أنه يوم القيامة مسؤول أمام الله تعالى عن كل كبيرة وصغيرة، ومحاسب عليها، ومجزي بها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فتدفع التقوى هذا المسلم إلى عبادة الله تعالى وطاعته، أي إلى تسيير جميع أفعاله حسب الأحكام الشرعية.
ثالثا :
تقوية الإيمان بالله وملائكته, والشعور بالرقابة الإلهية: حين يتلو المسلم قوله تعالى: ( ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما ). (طه 112) وقوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). (ق 18) حين يتلو المسلم تلك الآيات وأمثالها يعلم أن الله مطلع على جميع حركات الإنسان وسكناته، ويستشعر الرقابة الإلهية, فيبعثه ذلك على الخشية منه؛ لاتصاف الله تعالى بالرحمة والعدل لأوليائه، والانتقام وشدة العذاب لأعدائه.
رابعا :
إيثار الآخرة على الدنيا: وذلك لأن الدنيا قصيرة لا تعدل عند الله جناح بعوضة؛ ولأن الآخرة هي الدار الباقية، وهي التي تستحق أن يتطلع إليها الإنسان وأن يستعد لها، قال الله تعالى: ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ).
(القصص77) وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ). (التوبة 38)
خامسا :
تحقيق الأخلاق الفاضلة : الأخلاق الفاضلة أحكام شرعية، وإن تحقيقها في سلوكنا وحياتنا تحقيقا فعليا ثابتا غير متقلب، بلا نفاق ولا رياء، لا يكون إلا نتيجة للإيمان باليوم الآخر، فالحلم والأناة، والتضحية والصبر، والعطف والرحمة، كل ذلك يتحلى به المؤمن لأنه ينتظر جزاءه عند الله، وينتظر أجره عليه يوم الحساب.
سادسا: الشعور بالطمأنينة والأنس، والصبر على الشدائد: لأن المؤمن يستعين على مصائب الدنيا وشظفها ومغرياتها بالله تعالى، ويعلم أن ما عند الله خير وأبقى، فيكون إيمانه باليوم الآخر مطمئنا له وحافظا ومعينا على ذلك، يقول الله تعالى: (والآخرة خير وأبقى). (الأعلى17) ويقول: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ).
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.