معالم الإيمان المستنير القضاء والقدر ح7
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
في الحلقة السابقة قلنا : إن هناك أفعالا تقع ضمن الدائرة التي تسيطر على الإنسان، أي أن هذه الأفعال تقع منه أو عليه جبرا عنه. وفي المقابل فهناك أفعال يقوم بها الإنسان مختارا, أو يمتنع عن القيام بها مختارا, ويمكن تصنيفها بأنها تقع في الدائرة التي يسيطر الإنسان عليها، وذلك مقابل الأفعال التي تقع في الدائرة التي تسيطر عليه. وفي هذه الحلقة سنوضح الدائرة الثانية التي يسيطر الإنسان عليها, ويقوم بالأفعال فيها أو يمتنع عن القيام بها بإرادته واختياره فمن أمثلتها ما يأتي :
1. فهو يصلي لله مختارا, ويسجد للأصنام مختارا.
2. وهو يصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مختارا, ويهزأ به, ويسخر منه مختارا.
3. وهو يصوم يوم عرفة مختارا, ويفطر في نهار رمضان مختارا.
4. وهو يتزوج مختارا, ويرتكب فاحشة الزنا مختارا.
5. وهو يشرب اللبن مختارا, ويشرب الخمر مختارا.
6. وهو يتاجر بالمال الحلال مختارا, ويتعامل بالربا مختارا.
7. وهي أي الفتاة تلبس اللباس الشرعي مختارة, وتتبرج تبرج الجاهلية الأولى مختارة.
8. وهو يجاهد في سبيل الله مختارا, ويقعد عن الجهاد مختارا.
9. وهو ينصح في بيعه وشرائه مختارا, ويغش فيهما مختارا.
هذه الأفعال الواقعة في الدائرة الثانية التي يسيطر عليها الإنسان, يستحق عليها الثواب أو العقاب من الله سبحانه وتعالى. ولا علاقة لها بالقضاء مطلقا، فيقوم بها الإنسان بإرادته ولا تدخل تحت القضاء. وبذلك تخرج هذه الأفعال الاختيارية عن بحث القضاء والقدر.
أيها المؤمنون :
ويبرز الآن سؤال هو: لقد عرفنا القضاء فما هو القدر؟ للإجابة عن هذا السؤال نقول: القدر في بحث "القضاء والقدر" هو الخاصيات المعينة التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في الأشياء, وفي الغرائز, وفي الحاجات العضوية التي في الإنسان. فمن الخواص التي أوجدها الله تعالى في الأشياء أنه أوجد في النار خاصية الإحراق, وأوجد في الماء خاصية الإغراق. ومن الخواص التي أوجدها الله تعالى في الغرائز ميل الذكر إلى الأنثى في غريزة النوع, والتقديس في غريزة التدين, والتملك في غريزة البقاء. ومن الخواص التي أوجدها الله في الحاجات العضوية الجوع والعطش. وإليكم المزيد من البيان والتوضيح :
أيها المؤمنون : من أمثلة خواص الأشياء :
1. كون النار تحرق, والماء يغرق.
2. كون الأوكسجين قابل للاشتعال.
3. كون الحديد يصدأ بخلاف الذهب وهكذا.
4. كون السكين تقطع.
أيها المؤمنون: ومن أمثلة الغرائز:
1. كون الذكر يميل إلى الأنثى وبالعكس في غريزة النوع.
2. كون الإنسان يميل إلى العبادة والتقديس في غريزة التدين.
3. كون الإنسان يميل إلى التملك في غريزة البقاء.
أيها المؤمنون: ومن أمثلة الحاجات العضوية:
1. كون الإنسان يحتاج إلى النوم فينام.
2. كون الإنسان يحتاج إلى أن يأكل ويشرب ويتنفس.
والقدر بهذا المعنى هو من الله سبحانه, ولا يستطيع العبد أن يغيره, أو يخرج عنه لأنه من خلق الله سبحانه وتعالى.
أيها المؤمنون : في نهاية هذا البحث نتساءل : ما معنى الإيمان بالقضاء والقدر؟ للإجابة نقول :
معناه التصديق الجازم بأن القضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله، فالأفعال التي تقع في الدائرة التي تسيطر على الإنسان كلها قضاء من الله, وهو فيها مسير وليس بمخير، وخواص الأشياء والغرائز والحاجات العضوية أيضا كلها من الله, ولا دخل للإنسان فيها. والتصديق الجازم : هو التصديق الكامل الذي لا يتطرق إليه أدنى شك مهما كان بسيطا. أما الغرائز فهي ما أودعه الله في الإنسان وهي ثلاث : النوع, والتدين, والبقاء. وأما الحاجات العضوية فهي ما تحتاجه أعضاء جسم الإنسان من الطعام, والشراب والتنفس, والإخراج.
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.