الخميس، 03 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

معالم الإيمان المستنير انتهاء الأجل هو السبب الوحيد للموت ح32

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

 

أيها المؤمنون:

باديء ذي بدء لا بد لنا من أن نذكر بحقيقتين يغفل عنهما كثير من الناس: الحقيقة الأولى: وهي أن الرزق والأجل أمران متلازمان أي مقترنان ببعضهما, يبدآن معا وينتهيان معا, ففي اللحظة التي تبدأ فيها الحياة يبدأ فيها الرزق, وفي اللحظة التي تنتهي فيها الحياة ينتهي فيها الرزق. أما الحقيقة الثانية: فهي أن طاعة الله تجلب الرزق, وأن معصيته تحرم الرزق.

 

يؤكد هذا المعنى آيات من القرآن الكريم, وأكثر من حديث للنبي صلى الله عليه وسلم : ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: (وأن لو استقاموا على الطر‌يقة لأسقيناهم ماء غدقا). (الجن 16) وقوله تعالى: (وضر‌ب الله مثلا قر‌ية كانت آمنة مطمئنة يأتيها ر‌زقها ر‌غدا من كل مكان فكفر‌ت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). (النحل112)  وروى الطبراني في المعجم الكبير عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال:"نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته". وروى الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن الحسن بن علي، عن أبيه، قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  المنبر يوم غزوة تبوك، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أيها الناس، إني والله ما آمركم إلا بما أمركم الله به، ولا أنهاكم إلا عما نهاكم الله عنه، فأجملوا في الطلب، فوالذي نفس أبي القاسم بيده إن أحدكم ليطلبه رزقه كما يطلبه أجله، فإن تعسر عليكم شيء منه فاطلبوه بطاعة الله عز وجل". وروى ابن ماجة في سننه عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق للخطيئة يعملها". وفي رواية أخرى لابن ماجة عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.

 

أيها المؤمنون:

يظن كثير من الناس أن الموت وإن كان واحدا, ولكن أسبابه متعددة, ويتردد على ألسنة العامة منهم بيت الشعر الذي يقول:

من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد

 

ويرون أن الموت قد يكون من مرض مميت كالطاعون مثلا, وقد يكون من طعن سكين أو ضرب رصاص, أو حرق بالنار, أو غرق, أو غير ذلك, فهذه كلها عندهم أسباب مباشرة تؤدي إلى الموت, أي أن الموت قد حصل بسببها, ولولاها لما حصل الموت. وهذا القول خطأ من وجهين: الوجه الأول: لأن الأشياء التي ذكروها وظنوها أسبابا للموت, هي كلها في حقيقتها وواقعها حالات للموت وليست أسبابا له, قد يحصل فيها الموت وقد لا يحصل, ولو كانت أسبابا للموت لما تخلفت, فالمسبب لا يمكن أن ينتج إلا عن سببه وحده. فلو كان المرض سببا للموت؛ لكان كل من يمرض يموت! ولو كان الطعن بالسكين سببا للموت؛ لكان كل من يطعن بالسكين يموت! ولو كان الضرب بالرصاص سببا للموت؛ لكان كل من يضرب بالرصاص يموت! ولو كان الغرق سببا للموت؛ لكان كل من يغرق يموت! ولو كان الحرق سببا للموت؛ لكان كل من يحرق يموت! والمشاهد المحسوس في حالات كثيرة أنه ليس كل من يمرض يموت! وليس كل من يطعن بالسكين يموت! وليس كل من يغرق يموت! وليس كل من يحرق يموت! فدل على أنها حالات للموت وليست أسبابا له. وأما الوجه الثاني فلأن الموت واحد, وسببه واحد أيضا هو انتهاء الأجل, وذلك للأدلة القطعية الثبوت القطعية الدلالة. قال تعالى في سورة الأعراف: (ولكل أمة أجل  فإذا جاء أجلهم لا يستأخر‌ون ساعة  ولا يستقدمون). (الأعراف34) وقال تعالى في سورة يونس: (إذا جاء أجلهم فلا يستأخر‌ون ساعة  ولا يستقدمون). (يونس 49) وقال تعالى في سورة آل عمران: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا). (آل عمران 145)

 

ولدينا شاهد قوي من تاريخ الإسلام, له شهرة واسعة, يعلمه القاصي والداني, يؤيد ويؤكد رأينا الذي ذهبنا إليه وهو أن السبب الوحيد للموت هو انتهاء الأجل. فكلكم تعلمون أن سيف الله المسلول خالد بن الوليد, بطل المعارك والجهاد في سبيل الله, لم يمت في ميادين القتال على كثرتها. فأين مات يا ترى؟ اسمعوا له وهو يتحدث عن نفسه قبيل وفاته رضي الله عنه: "لقد خضت أربعين زحفا أو زهاءها, وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف, أو طعنة برمح, أو رمية بسهم, وهأنذا  أموت على فراشي كما يموت البعير, فلا نامت أعين الجبناء!". اللهم أحينا سعداء, وأمتنا شهداء, واحشرنا مع زمرة الأنبياء! آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

وختاما أيها المؤمنون نقرا عليكم خاتمة هذه الحلقات والتي اعدها الاستاذ الفاضل محمد احمد النادي بارك الله فيه وبه وتقبل الله عمله خالصا لوجهه الكريم اللهم آمين

يقول الاستاذ الفاضل محمد احمد النادي:

تم الكلام وربنا  محمود وله المكارم والعلا والجود
وعلى النبي محمد صلواته ما رف طير وأورق عود

 

سبحان ر‌بك ر‌ب العزة عما يصفون

وسلام على المر‌سلين, وآخر دعوانا أن الحمد لله ر‌ب العالمين

 

بهذا اللقاء أكون قد أنهيت معكم ما فتح الله به علي من"معالم الإيمان المستنير" فإن أحسنت ووفقت فمن الله تعالى وحده, وإن أسأت وخيبت فمن نفسي ومن الشيطان, وإن كانت الأولى فلله الحمد والمنة, وإن كانت الثانية؛ فأرجو منه سبحانه العفو والغفران, ومن إخواني المؤمنين الذين جشمتهم قراءة وسماع كتابي الدعوة لي بالرحمة والرضوان, والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم, وأن ينفعني به يوم الدين, يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, وأن ينفع به المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها, وأن يجعلنا وإياهم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه. "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه".

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم الفقير إلى عفو الله تعالى ومغفرته ورضوانه

محمد أحمد النادي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع