الخميس، 03 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

فضل العمل لعزة الإسلام في الأيام الاول من ذي الحجة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي لا يحيط به عقل، ولا يحصي الثناء عليه لسان، لذا كان من دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام : " اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ".


أيها المؤمنون :


ها أنتم في أيامكم العشر الأول من ذي الحجة التي أقسم بها ربنا عز وجل، فالله تعالى عظيم ولا يقسم إلا بعظيم! ولعظم هذه الأيام العشر أقسم بها الله في القرآن، قال جل من قائل: { والفجر وليال عشر }. وقد بين فضلها رسول الله فقال فيما يرويه أبو داود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ". وبعد :


أمر الله سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام أن يصوم شهر ذي القعدة، وفي آخره يلقى التوراة، فكره موسى عند ذهابه للموعد رائحة فمه فاستاك، فقال له المولى تبارك وتعالى : أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك؟ ارجع فصم عشرة أيام أخرى وائتني دون استياك، وكانت تلك الأيام هي العشر الأولى من ذي الحجة، قال تعالى: { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة }.


أيها المؤمنون :


اعلموا أن الله تعالى يحب الأعمال الصالحة قي كل وقت وحين، ولكن أحبها إليه ما كانت في العشر الأول من ذي الحجة؛ لأن هذا الشهر هو خاتم أشهر السنة وأزكاها! ففي هذا الشهر يكرم الله تعالى في مهبط الوحي من عباده من من الله عليهم بزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وحج البيت الحرام، حيث يطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ويقفون بعرفات، ويرمون الجمرات، كل ذلك في خشوع وخضوع لمن خلق الأرض والسماوات! فالرؤوس عارية، والعيون دامعة، والألسن تردد ما ردده المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: " لبيك اللهم لبيك! لبيك لا شريك لك لبيك! إن الحمد والنعمة لك والملك! لا شريك لك! ". فطوبى لمن من الله عليه بالحج في هذا العام حيث يتأدب بآدابه، ويتحلى بأخلاق نبيه، ويمضي أيام العشر مطيعا لربه عز وجل حيث ينال حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا متقبلا مشكورا! ومن لم يكتب له نصيب في الحج فليشارك الحجاج في السعي لنيل رضوان الله، ومضاعفة الحسنات وذلك بالتزام طاعة الله بالمحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها وبخاصة مع الجماعة في بيوت الله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة، ذاهبا وراجعا ".


أيها المؤمنون :


إن أعظم القربات عند الله أجرا، وأعلاها منزلة، وأولاها أداء هو العمل لإعادة سلطان الإسلام، وإقامة شرع الله في الأرض، وإعلاء كلمة الله، ورفع راية التوحيد؛ لأنه العمل الذي به تقوم جميع الأعمال التي كلفنا بها على الوجه المطلوب، فهو فرض الفروض، بل تاج الفروض كلها. قال صلى الله عليه وسلم: " إقامة حد من حدود الله ، خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل ". فاعملوا رحمكم الله على استئناف الحياة الإسلامية التي يعود بعودتها الجو الإيماني في ديار الإسلام حيث الله تعالى وحده هو الذي يعبد ويخشى! ودينه دين الإسلام هو المهيمن والمسيطر على الدين كله!


وفي هذه الأيام العشر ليلها ونهارها تهب تفحات رضا الله ورحماته على من أجاب داعي الله سواء أكان ذلك بمكة أم كان مقيما في أهله وفي وطنه. فهنيئا لمن كان عمله مختوما بالصالحات، هنيئا لمن احتفى واهتم بما وعده ربه من رحمات وجنات، هنيئا لمن صام لربه مخلصا، هنيئا لمن تصدق فما علمت شماله ما أنفقت يمينه، هنيئا لمن عمل لنهضة أمته ودينه، ثم هنيئا لهؤلاء بصلتهم أرحامهم ورحمتهم بفقرائهم، وحنوهم على مساكينهم وعزمهم على مواصلة الدرب لنهضة أمتهم، فيا رب تقبل منهم وضاعف لهم أجرهم، وتقبل من حجاج بيتك الحرام عبادتهم.


ومن الطاعة في هذه الأيام صيام الأيام التسعة الأول من شهر ذي الحجة يصومها كاملة، وذلك بترك الطعام والشراب وسائر المفطرات، ومن لم يستطع فليصم يومي الاثنين والخميس فيها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ". وليحرص المسلم على صيام يوم عرفة الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: " ... وصوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة ". ومن الطاعة في هذه الأيام قيام ليالي هذا الشهر ولو بصلاة الفجر والعشاء في جماعة فقد قال صلى الله عليه وسلم: " من صلى العشاء فى جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح فى جماعة فكأنما صلى الليل كله ". ومن الطاعة في هذه الأيام كثرة قراءة القرآن فقد قال صلى الله عليه وسلم: " أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن ".


أيها المؤمنون :


وقد جعل الله للخير مواطن علينا أن نحسن استغلالها، ومنها أيام العشر وأيام التشريق التي تلي عيد الأضحى، ففي البخاري، قال ابن عباس: " واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق ". وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وها أنتم في الأيام العشر فأحسنوا استغلالها، كماجاء في الطبراني عن ابن عباس، قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن التسبيح، والتكبير، والتهليل ". فأكثروا التكبير والتهليل والتسبيح، وانحروا هديكم، فأهرقوا الدماء، وصلوا الأرحام، وعظموا شعائر الله ربكم، قال تعالى : { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب }.


أيها المؤمنون :


أتدرون لماذا كان الاهتمام بذلك الذكر في هذا الوقت من السنة؟ للإجابة نقول: لما كانت مناسك الحج تزيد في أجر الحاج، وتضاعف ثوابه وحسناته عند الله تعالى، فإن ذكر الله والثناء عليه يحقق للمسلم الذي لم يكتب له الحج هذا الخير الكثير الذي حازه الحاج لبيت الله الحرام! روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: " جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون قال ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين فاختلفنا بيننا فقال بعضنا نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فرجعت إليه فقال تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين ". وقال صلى الله عليه وسلم : " خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ".


واعلم أخي المؤمن أن الصدقة كالحج تعود على صاحبها بالغنى وغفران الذنوب. قال ابن عباس رضي الله عنهما: " لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرا أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة! ". أي من حجة التطوع بعد حجة الفريضة. فما أسعد المتصدق في هذه الأيام المباركة بإدخال السرور بصدقته على الفقراء والمحتاجين! وليطمئن من نوى الحج وتخلف عنه لعذر ، فإنه في نيته هذه يثاب عليها إذا كان صادقا، ويكون حينئذ كمن أدى الحج، فقد ورد عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال حين رجع من غزوة تبوك : " إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا، ولا واديا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر ". وربما سبق من أخلص النية لله وتخلف لعذر بعض من حج ولم يخلص نيته. قال صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى لالله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ". فمن عجز عن حج بيت الله فليقصد رب البيت، فإنه موجود يسمع ويرى من يتوجه إليه بالشكر وعمل الصالحات خالصة لوجه الله حتى تهدأ نار شوقه بكسب رضاه في البيت الحرام ومكة وعرفات!.


أيها المؤمنون :


جاهدوا أنفسكم، ولا تتبعوا الهوى، وابتعدوا عن كل ما يغضب الله تعالى، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل : ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء! ".


اللهم تقبل منا أعمالنا، ووفقنا لما تحب وترضى، اللهم ارحم ضعفنا، وآمن روعاتنا، ووحد صفوفنا، وعجل باستئناف الحياة الإسلامية فينا، اللهم انصرنا بك لك، وحل بيننا وبين غيرك يا رباه، اللهم هذا الكفر قد اهتزت أركانه، فيسر له يدا منا حاصدة يا جبار يا منتقم، اللهم امنن علينا بنصرك، وامنن علينا بفرجك، وامنن علينا بقيام الخلافة التي فيها تطبيق شرعك، اللهم آمين.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع