خبر و تعليق جيمي سافيل وبريطانيا الحديثة من بطل إلى صفر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أتكلم هاتفيا مع أحد الأصدقاء من نيجريا وخلال الكلام سأل عن أنباء جيمي سافيل, فقلت متعجبا هل أصبحت أخبار فشل جيمي سافيل منتشرة عالميا؟!
لقد شهدت المملكة المتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية انتقال ما يسمى ب "الكنز الوطني" من مرتبة البطل إلى الصفر . ومن الجدير بالذكر أن استخدام هذا المصطلح "الكنز الوطني" صفة مرتبطة بشخص محبوب ومحترم للكثيرين في المملكة المتحدة على صعيد الكتاب والمثقفين و الفنانين و الرياضيين و شخصيات أخرى، وهذا الشخص اسمه جيمي سافيل. حيث كان لعقود مضت شخصية محبوبة و كان اسمه مرتبطا بالدعوة إلى التماسك الأسري وجمع التبرعات الخيرية , حتى أنه كان له برنامج خاص في التلفزيون البريطاني ( بي بي سي ) يستقبل فيه رسائل الأطفال بما فيها من أحلام و طلبات يحققها لهم فكان محبوبا حتى للأطفال.
وفي العام الماضي توفى الله هذا الكنز و قد نعاه الكثيرون و أشاد به الكثير من الناس, والآن بعد مرور عام على وفاته أصبح البطل والكنز صفرا لا يساوي شيئا عند الناس، وذلك لكثرة القصص التي خرجت على العيان منها مزاعم التحرش الجنسي بالفتيات طوال حياته المهنية في التلفزيون البريطاني و حتى في المراكز التي كان يجمع لها التبرعات مثل المستشفيات حتى أنه كان يتحرش بالمساكين و الضعفاء المتحاجين استغلالا لحاجتهم ، والغريب أنه تلقى من الملكة وسام الفروسية و لقب بسير جيمي سافيل وهي مرتبة رفيعة تمنح للمتميزين.
وعلى الرغم من وضوح التحرش لدى جميع العاملين في تلفزيون (بي بي سي) وبالرغم من سمعته انه شاذ ومتهور تم ترقيته كشخصية عامة وحصل على صلاحيات التواصل مع الشباب و الشابات في كافة الأمور مع ما عنده من إشكاليات أخلاقية و كان كبار المسؤولين في الإذاعة و التلفزيون يعلمون هذا ويتغاضون عنه و عن سلوكه الشاذ. وظهر هذا واضحا في تصريحات واحدة من أشهر مقدمات البرامج الإذاعية في الثمانينيات " ليز كير شو" أنها تعرضت لتحرش على الهواء، وعندما اشتكت على جيمس سافيل "الكنز" لم يفعل له أي شيء , ونفس هذا الحادثة تعرضت لها مذيعة أخرى في نهاية الثمانينيات و أيضا لم يفعل له شيء.
إن النظام العام في بريطانيا يسمح بل ويشجع الاختلاط والتحرش الجنسي و هذا ليس بجديد ،ولكن الأمر الذي أصبح ظاهرا في المملكة المتحدة هو كثرة هذه الأمور و ظهور الوسائل الكثيرة مثل مجلات الفتيات العارضات لأجسادهن و أصبح هذا مصدر دخل كبير لبعض وسائل الإعلام، ودخل الكثير من النساء السوق ببيعهم أجسادهن. وهذا دليل على انحطاط المجتمع وأفراده من النساء والرجال, حين لا بد من تغير مفاهيم هذه المجتمعات حتى يتغير سلوكهم و يصبح نظرة الرجل إلى المرأة مختلفة، فلا ينظر إليها على أنها سلعة تباع و تشترى أو أنها وجدت فقط للمتعة.
فهذا هو التشخيص الصحيح للمشكله وليس كما يدعون أن الرجل هو من يدفع النساء لمثل هذا السلوك غير السوي , ومنهم من قال إنهم يلبون طلبات الزبائن بنشر المجلات الإباحية وما شاكلها. ومن الناس من أصبح ينادي بتقليص الحريات ،وهذا الطلب من ساستهم الذين يشرعون ما يرغبه الناس لا يستطيعون أن يعارضوا أصحاب وسائل الإعلام الكبرى بسبب قوتهم و تأثيرهم في السياسة مما يجعلهم يبقون الأمر على ما هو عليه ويشجعونه لزيادة منفعتهم.حتى لو كان هذا على حساب المجتمع وسلامته.
ونتيجة لهذا الأمر نرى أنهم يبحثون باستمرار على سبل الحد من الأضرار بعد وقوعها ، مثل إستراتيجية حماية الأطفال من الحيوانات المفترسة و ليس القضاء على الحيوانات المفترسة التي تحيط بالأطفال . والغريب أن القليل من الناس يقرون و يعترفون بأن إطلاق الحريات هو سبب رئيسي لهذه الإشكاليات منها جعل المرأة سلعة يتم استغلالها ويُتاجر او ينتفع بها, وهذه الإشكالية وغيرها سوف تبقى إذا استمر التعامل مع تداعيات هذه الفضائح وليس مع الأسباب الحقيقية وراء هذه السلوكيات وهو مفهوم إطلاق الحريات.
تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا