الجمعة، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خدعوك فقالوا بوجوب التكافؤ الاجتماعي والمادي بين الزوجين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حث الإسلام على الزواج وأمر به، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه.


وسأبدأ حديثي بهذه القصة عن صحابي ربما لم نسمع عنه كثيراً وهو يدعى جُلَيْبيب وهو رجل صالح، لكنه دميم الوجه قبيح المنظر، فلا أحد من النساء تقبل به وكان الناس يردونه ولا يقبلون تزويجه، فلما اشتكى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه إلى منزل أحدهم لخطبة ابنته، فكان رد والدة البنت وأبوها في بادئ الأمر [جليبيب يا رسول الله، جليبيب يا رسول الله] أما كان أبو بكر؟ أما كان عمر؟ أما كان فلان؟ والمقصد هو الرفض، فسمعت البنت بالخبر فقالت: ما الخبر؟ فأخبرتها أمها، وصارت بين أمرين وبين موقفين: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك المنظر القبيح الذي لا تتحمله، فقالت البنت لأمها ولأبيها:" أتردان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين تذهبان من قول الله تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ))، ادفعوني إليه فإن الله لن يضيعني"، سمع النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فسر ودعا لهذه البنت. ويوم الزفاف سمع جليبيب منادي الجهاد يقول: يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، ففزع إلى الجهاد في سبيل الله، واستشهد في تلك المعركة وحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ويقول: هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه.


فلننظر إلى قول تلك الفتاة الجليلة بأنها لا ترفض رجلاً بعثه رسول الله لخطبتها ودون التفكير في أنه رجل قبيح أو ربما فقير. من منا ترضى بمثل هذا الزوج الآن؟ من منا ترضى بزوج صالح مجاهد لا يكون غنياً أو وسيماً أو ذا منصب ومال؟ أنظرن ماذا قالت: كيف تردان أمر رسول الله؟ أين تذهبان من قول الله؟ لأنها كانت مستجيبة لله ولرسوله وليس لأهواء النفس وزخارف الدنيا والمقاييس الزائفة التافهة. وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رشحه لها، إذن هو الزوج الصالح المناسب لها فهو القائل عليه الصلاة والسلام:" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، فالدين هو أساس الاختيار وليس المال أو الشكل أو المنصب أو العائلة والحسب والنسب، الزوج الذي يقرأ قوله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم" فيعاملها بمروءة وشهامة ورفق ورحمة وعدم منٍّ ولا أذى. وهذا لا يكون إلا عند صاحب الدين الذي يخاف الله ويتبع أوامره ويبتعد عن نواهيه.


إذن ليس هناك ما يدعى ب "ضرورة وجود التكافؤ الاجتماعي والثقافي والأسري بين الزوجين"، فهذا لا أصل له في الشرع، فكل مسلم كفء لأية مسلمة وأية مسلمة كفء لأي مسلم، ولا قيمة للفوارق بين المرأة والرجل في المال والنسب أو الصنعة أو الشهادات العلمية أو غير ذلك، فابن العامل كفء لبنت الغني، وبنت الصانع كفء لابن الحاكم، يقول الله تعالى: ((إنَّ أكرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ))، ويقول رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم:"لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى"، وهذا هو المقياس الذي يجب أن نقيس به الكفاءة وليس أي معيار آخر، ويكون هذا طبعا برضا الطرفين.


لكن مقاييس الزوج المناسب الآن عند عدد كبير من الفتيات وحتى أهاليهن ليست كذلك، فهناك من تريده فقط غنياً، ذا منصب يوفر لها ما تريده من مسكن فاخر وسيارة وملابس ورحلات مضافاً إلى ذلك وسامة في الشكل وإتباع للموضة في اللباس، وقد يكون متساهلاً في المحرمات وتطبيق الأحكام الشرعية، من عدم تقيد باللباس الشرعي مثلاً فيسمح لها بالذهاب خارج البيت وهي كاسية عارية، وفي أماكن الاختلاط، وتفعل ما تريد، هذا ما تريده وليس زوجاً ملتزماً، وتقول: هذا سوف يضيق عليّ، ويمنعني من الخروج من البيت، وكل شيء عنده حرام، هي تريده طوعاً لها ويلبي طلباتها فقط، تريد زوجاً إن قالت له: نعم قال: نعم. وإن قالت له: لا.قال: لا، حتى ولو على باطل أو قطع رحم أو فيه ارتكاب لمعصية.


ونذكر هنا قصة فاطمة بنت قيس التي زوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي قرشية مولاه أسامة بن زيد مفضلاً إياه على معاوية بن أبي سفيان وأبي جهم بن حذيفة العدوي الذين تقدما لخطبتها وهما الحسيبان في قومهما. وكذلك قيام رسولنا العظيم عليه الصلاة والسلام بتزويج المقداد بن عمرو وهو المولى الفقير إلى ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، مع أنه مولى وهى قرشية هاشمية شريفة؛ وذلك لأن الإسلام لا يفرق بين عبد أو سيد ولا بين شريف ووضيع، فالكل في نظر الإسلام سواء، لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أسود ولا أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح، واختلاف لون البشرة أو عدم كونه ذا حسب وجاه ليس عيبا يُردّ بسببه الخاطب، بل هذا من أمور الجاهلية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها سوف تبقى في الناس، فقال:" أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" ولا اعتبار إلا للكفاءة في الدِّين، وأما الكفاءة في النسب فهي غير معتبرة.

وإن كان الناس اليوم يعتبرونها بل ويُقيمون لها الوزن الكبير، الذي ربما لا يُقيمونه لدينهم لو نقص أو ارتُكب شيء من المحاذير أو الموبقات.


فلدى بعض الناس الاستعداد لتزويج من لا يُصلي إذا كان ذا جاه ومال ومنصب، وليس لديهم الاستعداد لتزويج من كان تقيا حافظا لكتاب الله إذا لم يكن كذلك وهذه والله موازين جاهلية، وتحكيم للأهواء والعادات والأعراف المخالفة للكتاب والسنة.


وتحضرني هنا أيضاً قصة الرجل الذي جاء يسأل أبا الحسن البصري عن أي الرجال يزوج ابنته؟ فقال له: لصاحب الدين, فالمؤمن لا يظلم زوجته فإذا هو أحبها أكرمها, وإذا هو كرهها لم يهنها، نعم أختي إن الرجل التقي يعلم حدود الله فلا يتعداها، فهو يقرأ قوله تعالى: ((وَعاشِروهُنَّ بِالمَعْروفِ)) ويعمل به, وقوله تعالى: ((فَإِمْساكٌ بِمَعْروفٍ أَوْ تَسْريحٌ بِإِحْسانٍ)) فيطبقه إن احتاج الأمر ذلك.


إذن أيها الآباء والأمهات، وأيتها الفتيات: تزوجن بصاحب الدين والخلق القويم, وإذا اجتمع الدين والخلق والمال والحسب والنسب فهذا خير, وإلا فالدين هو المقدم على غيره، فكامل الدين وإن لم تكتمل قدرته المادية اليوم فقد يغنيه الله من سعته غداً وهو الرزاق العليم.


اللهم ارزق بناتنا المؤمنات أزواجاً صالحين وارزق أبناءنا المؤمنين أزواجاً صالحات.

 



والحمد لله رب العالمين


مسلمة (أم صهيب)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع