السبت، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالات رمضانية البورصات ...أسواق الشر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد كانت سنة لله في عباده لا تتخلف أن من أعرض عن ذكر الله فإن له معيشة ضنكا، ولكن أن يتمثل هذا الإعراض في نظام كامل يعم أغلب العالم ويصبغه بصبغته فإن هذا هو الشقاء الذي ليس مثله شقاء، وهذا ما هو حاصل في نظام الرأسمالية الغربية الذي يعم العالم الآن، فإنه إن أثرى به فرد افتقر أفراد وإن استفادت قلة فإنها على حساب كثرة مسحوقة.


لا يتجاوز القائل الحقيقة لو أطلق على ما يعرف بالبورصات " أسواق الشر" ، فإنها أصبحت هي المكان الذي تستنزف فيه أموال العالم بعمليات مقامرة هائلة الضخامة، وهي مركز الاضطرابات لاقتصاديات العالم المضطربة أصلا .


ولبيان ذلك، فإن البورصات هي أسواق تقوم على التجارة والمضاربة في الأوراق المالية، مثل السندات والأسهم ، تلك الأسهم التي كانت في أول أمرها وسيلة لتمويل المشروعات الكبرى الإنتاجية عند الرأسماليين، إلا أن الأسهم ما لبثت أن أصبحت بذاتها تجارة في أسواق المال بمعزل عن أي إنتاج، وبفعل المضاربات في البورصات أصبحت هناك تجارة وهمية هائلة الحجم، تفوق التجارة الفعلية في السلع والخدمات بمئات المرات، وللمثال فإن حجم الصفقات في بورصة نيويورك مثلا يصل إلى مئات المليارات "يوميا" وصار هناك ربح مفصول عن السوق الحقيقية والاقتصاد الحقيقي.


إلا أن هذه الأسواق المالية وإن كانت ضمن ما يعرف "بالاقتصاد الوهمي" غير أن آثارها تمتد لتخريب الاقتصاد الحقيقي وعلى مستوى عالمي، ويكون الرابح عادة هم كبار التجار ولكن على حساب البسطاء من المضاربين ومدخراتهم.


إن عمليات تمويل هذه التجارة تكون عادة من البنوك التي تسحب الأموال من التداول، ومن أن تقوم بدورها الطبيعي إنتاجا واستهلاكا لتضعها في عمليات تمويل تجارة لا علاقة لها بالمنتجات، بل وهمية ولكنها أعلى ربحا. ولذلك فإنه عند أية هزة في الغرب مثلا تضطرب البنوك ويضطرب دورها في تمويل الإنتاج والاستهلاك فيتضرر النمو الاقتصادي الحقيقي كما حصل في الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وتكون الأزمات ضخمة وذلك لضخامة المبالغ وضخامة تورط البنوك في تلك الأسواق.


هذا ما يحصل في مركز الأسواق عند الغرب، إذ أنهم ابتدعوا تلك البورصات لتكون وسيلة للأرباح الضخمة بعد أن لم تعد تكفيهم الأرباح من الاقتصاد الحقيقي، ولكنهم لم يتوقفوا عند هذا الحد وإنما امتدت أيديهم لجعل أملاك العالم وشركاته جزءا من مضارباتهم في هذا السوق، ومن هنا صرنا نرى عمليات "الخصخصة" التي تحول مؤسسات عامة وأملاك عامة إلى شركات مساهمة يملكها الخاصة وتدخل المضاربة في أسواق المال.


وببساطة فإن زيادة أسعار الأسهم أو الأرباح المحققة في البورصات لا تعني بالضرورة توظيفا جديدا أو إنتاجا جديدا، ولكن الخسائر والهزات فيها تعني خسارة الوظائف وضربا لقطاعات إنتاجية وتباطؤ النمو، وهي سحب للمال من وظيفته الطبيعية المفيدة في السوق.


إن بلادنا الإسلامية وإن لم تكن فيها تلك الأسواق بمستوى الغرب، إلا أن ارتباطها بالغرب يجعلها تتأثر بكل ما يصيبه من أزمات بسبب هذه الأسواق والبورصات وخاصة أن الحكام والحكومات قد غامروا وقامروا بأموال ومبالغ هائلة الضخامة في تلك الأسواق والبورصات وهي أموال الأمة المنهوبة، وعلى سبيل المثال خسرت دول الخليج في الأسبوع الأول من الأزمة المالية العالمية الأخيرة حوالي 400 مليار دولار. وإنه ليس هناك ما يقطع ذلك الارتباط وينهي تلك التبعية إلا دولة الإسلام، دولة الخلافة، تلك الدولة التي تطبق نظام الإسلام فتنهي كل المعاملات الباطلة وما بني عليها من مؤسسات وأسواق وتعيد للمال حينئذ وظيفته في النماء وإعمار الأرض كما أراد الله.

 

 


يوسف ابو محمد

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع