مع الحديث الشريف أنت مع من أحببت
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أنس رضي الله عنه: "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنت مع من أحببت". قال أنس: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم".
شرح الحديث:
قوله: وماذا أعددت لها، أي ما العمل الصالح الذي أعددته لتلقى جزاءه إذا قامت الساعة؟ قال الحافظ: قال الكرماني: سلك مع السائل أسلوب الحكيم وهو تلقي السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو هو أهم.
قوله: أنت مع من أحببت، قال الحافظ في الفتح: أي ملحق بهم حتى تكون من زمرتهم وبهذا يندفع إيراد أن منازلهم متفاوتة فكيف تصح المعية؟ فيقال: إن المعية تحصل بمجرد الاجتماع في شيء ما ولا تلزم في جميع الأشياء، فإذا اتفق أن الجميع دخلوا الجنة صدقت المعية وإن تفاوتت الدرجات.
قول أنس رضي الله عنه: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقول النبي أنت مع من أحببت، وفي صحيح مسلم قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت.
قوله: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، جمع أنس رضي الله عنه بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في المحبة، ومحبتهما رضي الله عنهما من محبة الرسول لأن المحبة الصادقة تقتضي موافقة المحبوب في محبة ما يحبه وبغض ما يبغضه، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما حبيباه وصاحباه رضي الله عنهما، وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقد جمع الله بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما في الدنيا وفي التربة في البرزخ وهما معه في الجنة، وهما أفضلُ مَنْ وَلَدَتْهُ النساءُ بعد الأنبياء والمرسلين، وأفضلهما الصديق رضي الله عنه وبعد عمر في الفضل عثمان رضي الله عنه، ثم علي رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.
ونحن اخي المستمعُ الحبيب ماذا أعددنا لآخرتنا؟
فإن أجبنا كما أجاب الأعرابيُّ رسولَ الله، أعددنا لها محبةَ اللهِ ورسولهِ
أجبنا أن المحبةَ الصادقةَ تقتضي موافقةَ المحبوبِ في محبةِ ما يُحبُّهُ وبُغْضِ ما يُبْغِضُهُ،
فهل نحن نُحِبُّ مَا يُحِبُّ اللهُ ورسولُهُ؟
وهل نتبعُ رسولَ الله حتى نستحقَ محبةَ اللهِ سبحانه؟
فإذا أردنا أن نَرِثَ هذه الدرجةَ وهذه المحبةَ فلا بد لنا أن نَصِلَ ليلَنا بنهارِنا في طاعةِ الله وطاعةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، ونعملَ لإعادة الإسلامِ إلى الحياة كما عملَ صلى الله عليه وسلم، فأقامَ دولة الإسلامِ، وطبقه وحمله إلى الناس، ونموتَ على ما مات عليه الحبيبُ محمدُ ونعملَ جاهدين من أجل استعادة ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافةً راشدةً على منهاج النبوة فنستحقَّ بذلكَ محبةَ اللهِ ومحبةَ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.