الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

معالم الإيمان المستنير م10 مزايا دعوة الأنبياء والرسل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:


نؤمن أن الرسل كلهم معصومون عن الكذب والخطأ في التبليغ، ومعصومون عن ارتكاب المعصية أي عن فعل المحرمات وعن ترك الواجبات. وأما المكروهات والمندوبات وخلاف الأولى فهم غير معصومين عنها؛ لأنه لا يناقض النبوة والرسالة حسب الدليل العقلي. فيجوز عليهم فعل المكروه وترك المندوب؛ لأنه لا يترتب عليه إثم، ويجوز عليهم فعل خلاف الأولى, وهو فعل بعض المباحات دون بعض؛ لأن ذلك لا يدخل تحت مفهوم كلمة المعصية.


وبالإضافة إلى ما سبق فقد ورد في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أدلة من القرآن الكريم أنه لا يفعل المكروه، وكل ما يفعله وحي من الله تعالى فرضا كان أو مندوبا أو مباحا، قال تعالى: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي ). (الأنعام 50) وقال سبحانه: (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ر‌بي). (الأعراف203) ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قدوة للمسلمين، قال تعالى: (وما آتاكم الر‌سول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). (الحشر7) وقال سبحانه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر‌ لكم ذنوبكم والله غفور‌ ر‌حيم). (آل عمران31)


ما ورد من فعل وقول للرسول صلى الله عليه وسلم كله تشريع من الله تعالى جاء به الوحي، وهو امتثال لأمر الله جل في علاه، ولذلك فلا تكون أفعاله صلى الله عليه وسلم حراما ولا مكروها، ولكن يجوز أن تكون خلاف الأولى. ومعنى خلاف الأولى أن يكون هناك أمر مباح، ولكن بعض أعماله أولى من بعضها، أو أن يكون هناك أمر مندوب ولكن بعض أعماله أولى من بعضها.


أمثلة على خلاف الأولى:


1. المثال الأول: في غزوة بدر عاتب الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على ما حصل فيها من قبول أخذ الأسرى قبل الإثخان. قائلا: (ما كان لنبي أن يكون له أسر‌ى حتى يثخن في الأر‌ض تر‌يدون عر‌ض الدنيا والله ير‌يد الآخر‌ة والله عزيز حكيم). (الأنفال67) بين الله تعالى أنه ما ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يأخذ أسرى حتى يثخن، والإثخان هو القتل والتخويف الشديد، فهي عتاب على تطبيقه الحكم على وجه هو خلاف الأولى، أي الأولى أن يكون القتل في معركة بدر أكثر حتى يكون الإثخان أبرز.


وبما أن حكم الأسرى والإثخان نزل أولا في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: (فإذا لقيتم الذين كفر‌وا فضر‌ب الر‌قاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحر‌ب أوزار‌ها). (محمد4) فإن آية الأنفال جاءت تعاتب على فعل خلاف الأولى، وهو مخالفة حكم سبق تشريعه وهو جواز أخذ الأسرى بعد الإثخان، والرسول صلى الله عليه وسلم أسر قبل الإثخان، فعاتبه الله؛ لأن الأولى أن يكون القتل أكثر حتى يكون الإثخان أبرز.


2. المثال الثاني: قال تعالى: (عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدر‌يك لعله يزكى * أو يذكر‌ فتنفعه الذكر‌ى). الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ الدعوة للناس جميعا، وبتعليم المسلمين الإسلام. وكلا الأمرين للرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوم به في كل وقت. وعبد الله بن أم مكتوم أسلم وتعلم الإسلام. وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده صناديد قريش، عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد ابن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال ابن أم مكتوم للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في هذه الحالة يا رسول الله, أقرئني وعلمني مما علمك الله، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه, فنزلت هذه السورة تعاتب الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله خلاف الأولى, فالرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ ومأمور بتعليم الإسلام، فقام بالتبليغ وأعرض عن تعليم من طلب التعليم لانشغاله بالتبليغ. وكان الأولى أن يعلم ابن أم مكتوم ما سأله لعله يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح بسبب ما يتعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يفعل؛ فعاتبه الله على ذلك، إذ كان إعراضه عليه السلام عن ابن أم مكتوم خلاف الأولى، فعاتبه الله على قيامه بما هو خلاف الأولى.


محمد صلى الله عليه وسلم من أولي العزم من الرسل:


فضل الله سبحانه بعض الرسل على بعض؛ لأنهم صبروا وتحملوا الإيذاء والتكذيب في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله أكثر من غيرهم، وهؤلاء سماهم الله عز وجل أولي العزم من الرسل وهم: محمد، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم، يقول تعالى: (فاصبر‌ كما صبر‌ أولو العزم من الر‌سل) (الأحقاف35) ويقول عز من قائل: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبر‌اهيم وموسى وعيسى ابن مر‌يم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا). (الأحزاب 7) ومن الميزات التي تميز بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن غيره من الرسل عليهم السلام:


1. أن الأنبياء السابقين بشروا به صلى الله عليه وسلم، ودعوا الناس إلى اتباعه. ومن هؤلاء عيسى عليه السلام الذي قال الله تعالى في حقه: (وإذ قال عيسى ابن مر‌يم يا بني إسر‌ائيل إني ر‌سول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التور‌اة ومبشر‌ا بر‌سول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر‌ مبين). (الصف 6)


2. أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة، بخلاف غيره من الرسل والأنبياء، الذين كان كل واحد منهم يبعث إلى قومه خاصة. (وما أر‌سلناك إلا كافة للناس بشير‌ا ونذير‌ا ولكن أكثر‌ الناس لا يعلمون). (سبأ 28)


3. أن الله تعالى أيده صلى الله عليه وسلم بمعجزة خالدة هي القرآن الكريم، بينما كانت معجزات الرسل خاصة بأزمانهم وأقوامهم.


4. أنه خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من ر‌جالكم ولكن ر‌سول الله وخاتم النبيين). (الأحزاب40)
أيها المؤمنون: مستمعي الكرام مستمعي اذاعة المكتب الاعلامي لحزب التحرير :


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع