مع الحديث الشريف الرّجلُ على دِينِ خَليلِه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نُحَيِّيْكُمْ جميعاً أيُّها الأحبةُ في كُلِّ مَكَانٍ في حَلْقَةٍ جديدةٍ منْ برنامَجِكُمْ"مَعَ الْحديثِ الشريفِ" ونبدأُ بِخَيْرِ تحيةٍ فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ"
جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ)
يَعْنِي الْإِنْسَانَ
(عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ)
أَيْ عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ
(فَلْيُنْظَرْ)
أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلْيَتَدَبَّرْ
(مَنْ يُخَالِلْ)
مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ وَالْإِخَاءُ, فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لَا تَجَنُّبُهُ, فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلَاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا; لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالِاقْتِدَاءِ بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي. إنتهى.
قال القَرافِيُّ: "ما كُلُّ أحدٍ يَستحِقُ أنْ يُعَاشَرَ ولا يُصَاحَبَ ولا يُسَارَرَ"
وقال عَلْقَمَةُ: اِصْحَبْ مَنْ إنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وإن أصابتك خَصاصةٌ عَانَكَ وإنْ قلتَ سَدَّدَ مَقَالَكَ، وإنْ رأى منكَ حسنةً عَدَّها، وإنْ بَدَتْ منك ثُلْمَةٌ سَدَّهَا، وإنْ سألتَهُ أعطاك، وإذا نَزَلَتْ بِكَ مُهِمَّةٌ وَاسَاكَ، وأدْنَاهُمْ مَنْ لا تأتِيْكَ منه البَوائِقُ، ولا تختلفُ عليكَ منه الطرائقُ
ويقول الشيخُ أحمدُ بْنُ عَطاءٍ: مُجَالَسَةُ الأضدادِ ذَوَبانُ الروحِ، ومُجَالَسَةُ الأَشْكالِ تلقيحُ العقولِ، وليسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ للمُجَالسةِ يَصْلُحُ للمُؤَانَسَةِ، ولا كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ للمؤانسةِ يُؤْمَنُ على الأسرارِ، ولا يُؤْمَنُ على الأسرارِ إلا الأُمَنَاءُ فَقَطْ.
يَنْظُرُ بَعْضُ الناسِ هذهِ الأيامَ إلى حالِهِ أوْ حَالِ أولادِهِ نَظْرَةَ حُزْنٍ وَتَأَسُّفٍ. ويَتَسَاءَلُ كيفَ وَصَلَ به أو بأولادِهِ هذا الحالُ. ويتساءَلُ كيفَ لهُ أنْ يُصْلِحَ مِنْ هذا الحالِ. ويَغْفُلُ السائلُ عن أثَرِ الرفاقِ والأصحابِ. فجاءَ ما جاءَ ذِكْرُهُ تبياناً لأهميةِ هذا الأمرِ. فَلْيَعْلَمْ مَنْ هذا حَالُهُ، أنَّ عليهِ أنْ يَنْقَلِبَ على نفسِهِ ويبحثَ عن رُفَقَاءِ خَيْرٍ يُعِيْنُوْنَهُ على طاعةِ اللهِ. ونسألُ اللهَ تعالى أنْ يَحُفَّنَا دَوْماً بالمتقينَ.
وإلى حينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حديثٍ نبويٍ آخَرَ نتركُكُمْ في رِعَايَةِ اللهِ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ