- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقية إسطنبول، تجاهل للدين
كثرت القوانين وتعددت الشعارات والمؤتمرات لكن ما هي إلاّ مؤامرات تحاك ليلا ونهارا من طرف الدول الغربية، في ظاهرها حماية للمرأة من العنف وفي باطنها دمارٌ للمرأة وخراب للأسرة المسلمة. فكيف للنظام الرأسمالي أن يسنّ قوانين لحلّ مشاكل المرأة وما تتعرض له من ظلم كل يوم؟! كيف لهذا النظام الفاسد أن يجد حلاّ لواقع النساء اليوم، وهو عين المشكلة وشرّ كل بلية في هذا الزمن؟! نحن نعلم جيدا أنه يسنّ قوانين لمصلحته فقط، وهذا ما نراه في اتفاقية إسطنبول التي وُقّعت بتاريخ 2011/05/11 وقد سارعت الحكومة التونسية بطلب الانضمام إليها علّها ترضي الغرب عنها، وحتّى تؤكّد الولاء والطّاعة له كما عهدناها دائما.
ولبيان خطورة هذه البنود نذكر منها المادة الرّابعة حيث تقول في البند الثّالث، "يجب تفعيل هذه الاتفاقية من الأطراف وخاصّة من خلال التدابير الهادفة إلى حماية حقوق الضّحايا دون أي تمييز خاصة التمييز القائم على الجنس أو النّوع أو العرق أو اللّون أو اللّغة أو الدّين أو الآراء السّياسيّة أو غيرها من الآراء أو الأصول القومية أو الاجتماعية أو الانتماء إلى أقلية قوميّة أو الثروة أو الميلاد أو الميول الجنسيّة أو الهويّة الجنسانيّة أو العمر أو الحالة الصحية أو الإعاقة أو الوضع العائلي أو وضع المهاجر أو اللاّجئ أو أي وضع آخر". نرى إذن أنّ هذا البند ينصّ على عدم التمييز حسب النّوع أو العرق أو اللّون أو الدّين... في حين إنّ هذا لا يصدقه أي إنسان واع يعلم خداع الغرب ومكره، وما نراه في واقعنا اليوم ما هو إلاّ دليل على كذبه؛ ففي فرنسا مثلا تُضطهد المرأة المسلمة بسبب حجابها وتُحرم من الوظيفة وتلقى شتّى أنواع التّهكم والاستهزاء والتّعنيف، وأقرب دليل هو ما تعرّضت له المرأتان المسلمتان قرب برج إيفل من هجوم متوحّش بالسكاكين ولم نسمع صوتا للمنظمات الحقوقية ولم تحرّك الحكومة الفرنسية ساكنا، ولو كانت المعتديةُ مسلمةً لسلِّطت عليها أقصى العقوبات.
أمّا اهتمام هذا البند بالمهاجر واللاجئ فيصيبنا بالدهشة والاستغراب، فكيف للاتحاد الأوروبي أن يحمي المرأة من خلال هذه الاتفاقية في حين إن اللاجئات السوريات في الدّول الغربية يتعرّضن كل يوم إلى الكثير من القسوة والقهر والتمييز والعنف؟! فالمرأة السورية تُغتصب وتُعذّب وتُهان والعالم كلّه يتفرّج، وتحرم من حقّها في العيش الكريم في ظل هذه الأنظمة المستبدة. نسوق هذه الأمثلة على سبيل الذّكر لا الحصر ليظهر الوجه الحقيقي للنظام العلماني الذي يختبئ وراء قوانينه وشعاراته البرّاقة، وهذا لن يخدع المسلمة الواعية التي تعلم بأنّ حل مشاكلها لن يكون إلاّ بالإسلام الذي كرّمها منذ عقود في وصايا رسولها الكريم ﷺ في خطبة الوداع حين قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً»، وكذلك عندما قال: «رِفْقاً بِالْقَوَارِيرِ»، لأن الإسلام منهج حياة سطّره لنا الله عزّ وجلّ في قرآنه الكريم فخصّ المرأة بأحكام دون الرّجل وخصّ الرّجل بأحكام دون المرأة حكمةً من لدنه سبحانه، كلاهما يكمّل الآخر؛ ففي سورة النساء وغيرها من السّور بيّن حق المرأة في الميراث وأعطى القوامة للرجل حتى يريحها من العبء والتعب في الحصول على لقمة العيش. فالمرأة في الإسلام عزيزة مصانة، وهي أمّ وربّة بيت وعرض يجب أن يصان لتحيا مطمئنة في حضن أبيها ثم في ظل زوجها الذي يبادلها المودة والرحمة ويقدّم لها الغالي والنّفيس حسب قدرته، كيف لا وهي الأمّ والأخت والزّوجة والبنت.
المرأة المسلمة ليست بحاجة للقوانين الغربيّة كي تمنحها حقوقا زائفة، فقد أعطاها الإسلام حقّها كامرأة فتحرّكت الجيوش من أجل صرخة وا معتصماه، فمن يريد إنصاف المرأة بصدق يجب أن يعيد لها دولة الخلافة دولة العدل والرعاية حتّى تسعد في الدنيا والآخرة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة حنان عبيد