الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

النظام الرأسمالي يفقر البشرية بسياساته ويشقيها

وبالخلافة تغنى البشرية وتحصل على الكفاية

 

إنه لمن المضحك المبكي أنك تبصر غنى بلاد المسلمين ولا ترى في شعوبها إلا الفقر يتقاذفهم يمنة ويسرة، المتناقضات بكل أشكالها تراها العين فيعجز العقل عن استيعابها! تشير التقارير في كل عام ونهايته عن كمية الثروات التي تتمتع بها بلادنا ولكنها أشبه علينا بظل شجرة الدليب التي ترمي بظلها بعيدا عمن يجاورها!

 

في بلاد تأخذ من الساحل على البحر الأبيض المتوسط ما يقرب من ألفين وتزيد من الكيلومترات لتغزوا العالم بما تنتج إذا أرادت وتستقبل مما تريد، تأتيك التقارير السنوية عن إمكانياتها وضخامة ثروتها في باطن الأرض وخارجها، حيث تقول التقارير إن إجمالي إيرادات ليبيا من النفط ارتفعت إلى 105.5 مليار دينار ليبي (22.01 مليار دولار) في عام 2022 من 103.4 مليار دينار في عام 2021، بحسب ما أعلنه البنك المركزي الليبي.

 

وشهد قطاع النفط الليبي خلال الشهور الأخيرة بعض الهدوء، وارتفع الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميا، وتأمل البلاد في العودة إلى مستويات 2010 عندما كانت ليبيا تنتج 1.6 مليون برميل يوميا. مع وجود تعداد السكان الذي لا يكاد يصل إلى 7 ملايين نسمة، وفي الوقت نفسه تُصدم بأن هذا البلد تكاد أن تتلاشى فيه الطبقة الوسطى! 45% من الأسر الليبية تعيش تحت خط الفقر، ففي 2019 سجلت أعداد الفقراء معدلات قياسية خلال الأعوام العشرة الأخيرة، إذ أصبح نحو 45% من الليبيين يعيشون تحت خط الفقر، وسط ظروف سياسية ومعيشية صعبة، مع بلوغ سقف الدين المتراكم على الدولة بنحو 155 مليار دينار ليبي، أي ما مقداره 34,5 مليار دولار. (قناة العربي طرابلس 2022/1/4).

 

ولم تكن هي الفريدة في عصرها كما إبل الرحيل (شايله السوقي وعطشانه!)، فالأعراض نفسها تجدها في بلد المليون شهيد حيث تجد، بحسب مسؤول في شركة سوناطراك الجزائرية، أن إيرادات البلاد من النفط والغاز، زادت بنسبة 70% خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022، وأضاف أن الإيرادات بلغت 21.5 مليار دولار منذ كانون الثاني/يناير وحتى نهاية أيار/مايو الماضيين، مقارنة مع 12.6 مليار في الفترة نفسها من العام الماضي 2021، حسبما نقلت رويترز.

 

وتمكنت الشركة من تحقيق صادرات نفطية بقيمة تفوق 34.5 مليار دولار في عام 2021م مقابل 20 مليار دولار في عام 2020، بينما بلغت المداخيل من السوق المحلية 2.5 مليار دولار حسب ما قاله توفيق حكار الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للجزائر نحو 1.45 مليون برميل يومياً من البترول، و152 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وهو ما يعادل 234 مليون طن من الغاز والنفط ومشتقاته سنويا، تصدر منها 135 مليون طن سنوياً. (العربية نت 2022/7/3م)، في الوقت الذي تتكبد فيه البلاد مديونية خارجية تقدر بـ109,6 مليار دولار. (قناة الجزيرة نت 6/6/2022م).

 

وكذلك تصل فيه معدلات البطون التي تئن من الجوع بمعدل يصفه تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان؛ إن عدد الجزائريين الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر عام 2018 قُدِّر بـ 15 مليوناً، ما يمثل حوالي 38% من العدد الإجمالي للسكان، أي أن من بين كل 3 جزائريين يوجد جزائري يعيش فقراً مدقعاً.

 

(2022/5/3). في حين يقدّر عدد سكان الجزائر 2022 بنحو 46 مليون نسمة وذلك حسب أحدث إحصائية رسمية للأمم المتحدة.

 

أما في بلاد الحرمين صاحبة دعوة أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام فالحال يريك العجب العجاب! تقدر واردات النفط لهذا البلد ما قيمته مليار دولار في اليوم حسب هيئة الإحصاء السعودية، وإن قيمة الصادرات الخام قد زادت خلال العام 2022 إلى ما نسبتة 123%، وارتفع إنتاج المملكة من النفط إلى 10,3 برميل يومياً في شهر آذار/مارس عام 2022م حيث بلغ متوسط أسعار خام برنت 112 دولاراً للبرميل، وهذا من جراء تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية حيث قفزت الأسعار بنسبة 50%. (العربية نت دبي 2022/5/26م).

 

في الوقت الذي تجد فيه أن أعداد الفقراء في السعودية الذين تحت خط الفقر بين 12.7% و25%. بحسب التقارير الصحفية والتقديرات الخاصة في 2013 "تقترح أنه ما بين 2 مليون و4 مليون" من المواطنين السعوديين يعيشون على "ما دون 530 دولاراً في الشهر"، أي نحو 17 دولاراً في اليوم؛ وهو ما يُعتبر خط الفقر في السعودية، وأفادت دائرة الإحصاءات العامة في عام 2022 أن عدد سكان المملكة العربية السعودية بلغ 48 مليون نسمة، ومع ذلك تأتي ثاني دولة في المنطقة العربية من حيث المديونية بمبلغ 250,7 مليار دولار. (الجزيرة نت 2022/6/6).

 

هذه أمثلة لمشكلة تعيشها البلاد العربية، وهذه المشكلة تشل الوضع الاقتصادي فيها، وما كان لها أن تحدث لولا غياب سياسة الإسلام السمحة المنزلة من الله تبارك وتعالى، وتعمُّد تغييبها من حياة الأمة الإسلامية بهدم دولتها والعمل على الحيلولة دون قيامها من جديد.

 

وهنا إذ نعرضها بوصفها مشكلة يراد لها حل بإيجاد دولة الخلافة الراشدة وكيف لها أن تستفيد وتفيد الرعية بريع ثرواتها وحسن رعايتها، فتُسكت قرقعة البطون الخاوية وتملؤها وتستبدل ببكاء أعينها بسمة تكسو وجوه شعوبها المتسلَّط عليها.

 

ودولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي دولة رعاية وليست دولة جباية، وهي كما الأم الحنون على أبنائها، وأول من تجده جائعاً هو قائدها كما شوهد النبي عليه الصلاة والسلام وهو في الخندق يربط حجرين على بطنه عندما كان الصحابة رضي الله عنهم يربط الواحد منهم حجراً واحداً.

 

فالإسلام في دولة الخلافة جعل التشريع في ما يخص المال وخاصة المعادن التي لا تنقطع كما هذا النفط بأحكام غيّبها النظام الرأسمالي عن أذهان المسلمين كما غيب دولتهم والأحكام الواجبة في العمل لإيجادها.

 

من هذه الأحكام المتعلقة بالنفط وغيرها من المعادن التي لا تنقطع الملكية العامة التي يكون الناس فيها شركاء، لا يختص بها أحد دون آخر ولا تملكها شركة وتحتكرها وتحتكر صادرها، ولا للدولة أي حق في التصرف في مالها وإنما هي تشرف فقط عليها وتعمل على توصيل نفعها إلى الرعية، ولنا في الخلافة الراشدة القادمة الأمل من خلال تبنيها لأحكام الإسلام.

 

فسبب وجود الفقر في بلادنا والعالم هو غياب أحكام الإسلام وغياب دولته الخلافة الراشدة.

 

ولكشف الحقائق من ناحية عملية نعرض التضريبات الآتية بحسب الأرقام أعلاه حتى يكون هناك تصور لضخامة هذه الثروه لدى أمة الإسلام:

 

فإذا قلنا إن ما يجنيه بلد واحد من عوائد النفط مليار دولار في اليوم الواحد، إذاً خلال شهر يوجد عندها 30 ملياراً وفي السنة يكون في محفظتها 360 ملياراً، وإذا جمعنا هذا الرقم لبلدين 360+360 يساوي 720 مليار دولار ونعطي إنتاج البلد الثالث وهو 360 مليار دولار تكلفة استخراج خلال سنة مجموع مديونية البلاد الثلاثة: ليبيا 34 مليار دولار، الجزائر 109,6 مليار دولار، السعوديه 250,7 مليار دولار، وحاصل الجمع هو 394,3 مليار دولار.

 

فمع هذه الديون الربوية لا تحتاج إلى أكثر من سنة فقط للانعتاق من الدين وحلحلة مشكلة الفقر إن وجدت الإرادة السياسية. فلك أن تتأمل كيف لدولة الخلافة الإسلامية حين قيامها وفي البلاد الإسلامية وتطبيقها لحكم شرعي واحد فقط من أحكام الإسلام في النفط الذي جعله الإسلام ملكية عامة يتمتع به كل رعايا الدولة الإسلامية كما قال ﷺ في حديث الملكية العامة «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ...»، فالملكية العامة علاقتها مع مصالح عموم المسلمين وحاجاتهم كعلاقة العلة بالحكم، فمتى وجدت العلة وهي المصلحة العامة وجد الحكم وهو الملكية العامة، ومتى زالت المصلحة العامة زالت الملكية العامة وتحولت تلك الأشياء إلى بيت المال يتصرف فيها الحاكم وفق المصلحة الشرعية ولو بإعطائها للأفراد.

 

والملكية العامة مقررة بحكم الله تعالى ورسوله ﷺ لا يملك أحد التصرف فيها بل لا يجوز له ذلك ما دام أن المصلحة العامة للمسلمين متعلقة بها.

 

والمعادن وهي: الجواهر التي أودعها الله تعالى في الأرض سواء أكانت جارية كالبترول أو كانت جامدة كالذهب والفضة، وسواء أكانت ظاهرة على وجه الأرض أو كانت في باطنها، فهذه كلها تعد من الملكيات العامة التي جعلها الله تعالى للناس ينتفعون بها، فقط تحتاج لدولة الخلافة حتى تجعلها واقعاً يعيشه الناس.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور أحمد أبو شهد – ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع