- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
يؤذيني ابن آدم يسب الدهر
حياكم الله احتنا الكرام، يتجدد اللقاء معكم وبرنامجنا مع الحديث الشريف، وخير ما نبدأ به حلقتنا تحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في سنن أبي داود - أَبْوَابُ النَّوْمِ - بَاب فِي الرَّجُلِ يَسُبُّ الدَّهْرَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ وَابْنُ السَّرْحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ"
ﻳﺆﺫﻳﻨﻲ: ﺃﻱ: ﻳﻨﺴﺐ ﺇليَّ ﻣﺎ لا ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻲ.
ﺍﻟﺴﺐ: ﺍﻟﺸﺘﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺬﻡ.
ﺍﻟﺪﻫﺮ: ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.
ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺪﻫﺮ: ﺃﻧﺎ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﻣﺼﺮﻓﻪ ﻭﻣﻘﻠﺒﻪ.
لقد أقسم الله تعالى في كثير من الآيات بالزمان، لعظمه وأهميته، ففيه العمل والفوز أو الخسارة في الدنيا والآخرة. ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺎﺑﺘﻬﻢ ﻣﺼﻴﺒﺔ، ﺃﻭ ﺣﺮﻣﻮﺍ غرضًا معينًا ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺴﺒﻮﻥ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﻳﻠﻌﻨﻮﻥ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ: "ﻗﺒﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺘﺖ ﺷﻤﻠﻨﺎ"، ﻭ"ﻟﻌﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ"، ﻭﻣﺎ يشبه ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ، ﻓﺠﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ لينهى عن الشتم والسب للدهر، فالمسلم حين يسب الدهر هو يسب مقدر هذه الأمور وفاعلها، وﺍﻟﺪﻫﺮ لا ﻓﻌﻞ ﻟﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻫﻮ ﺭﺏ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﻄﻲ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ، فمَسبَّتهم ﻟﻠﺪﻫﺮ ﻫﻲ ﻣﺴﺒﺔ ﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ.
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺳﺐ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺃﺫﻳﺔ ﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ولا ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ الأﺫﻳﺔ ﺍﻟﻀﺮﺭ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺄﺫﻯ الإﻧﺴﺎﻥ ﺑﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺃﻭ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ مثلاً، ﻭﻟﻜﻨﻪ لا ﻳﺘﻀﺮﺭ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ الأﻋﻠﻰ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻠﻪ الأﺫﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} ﻭﻧﻔﻰ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﻀﺮﻩ ﺷﻲﺀ ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم ومع حديث نبوي آخر، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبته للإذاعة
عفراء تراب