مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 102

إسلام أسيد بن الحضير - رضي الله عنه -

 

 

 

ذهب مصعب بن عمير معهم إلى يثرب، ونزل ضيفًا عند أسعد بن زرارة، وأصبح مصعب يبيت عنده، وفي النهار يذهب، ويدعو الناس إلى الله،

 

وكان يجتمع بهم بعد العصر في بستان، ويقرأ عليهم القرآن، ويعلمهم تعاليم الدين. وكان أسعد بن زرارة له ابن خالة، وهو سيد الأوس اسمه سعد بن معاذ، فانتشر الخبر بالمدينة أن أناسًا اتبعوا دين القرشي، وأن محمَّدًا قد أرسل رجلًا من أصحابه يعلمهم هذا الدين الجديد.

 

وفي يوم من الأيام ذهب أسعد بن زرارة، وأخذ معه مُصْعبَ إلى بستانٍ، وكان هذا البستان يجتمع من حوله شباب يثرب، فأخذ مُصعَبَ إليه، وجعله يقرأ القرآن هناك بصوت مسموع، فاجتمع الشباب حوله يستمعون؛ فنظر إليهم سعد من بستانه، فغاظه ذلك؛ فقال لابن عم له واسمه أُسيد بن الحضير: يا أسيد ألا ترى ما يصنع ابن خالتي أسعد بن زرارة؟ واللات لولا صلة الرحم بيني وبينه لقمت ومنعته، ولكن لا أحب أن تخسر ذمتي، اذهب إليه أنت يا أسيد، هو والقرشي الذي معه، فامنعهم عما يفعلون!!

 

قال أسيد: أجل، حبًا وكرامة!! فقام أسيدُ بن حضير وأخذ معه حَرْبتَهُ، ومضى إليهم، فلما قدم إليهم قال: ما جاء بكما إلى حينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كنتما لا تريدان الخروج من الحياة، فنظر إليه مصعب، وابتسم، وقال له: "أَوَلَا تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره؟". قال أسيد: أنصفت وألقى حربته إلى الأرض، وجلس يصغي!!

 

ولم يكد مصعب يقرأ القرآن، ويفسر الدعوة التي جاء بها محمَّد عليه السلام حتى أخذت أسارير "أسيد" تشرق وتبرق، وتتغير مع مواقع الكلام، وتكتسي بجماله!!

 

ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد، وبمن معه قائلا: ما أحسن هذا القول وأصدقه!! كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين؟ وأجابوه بتهليلة رجت الأرض رجًا، ثم قال له مصعب: "يطهر بدنه وثوبه، ويشهد أن لا إله إلا الله". فغاب "أسيد" عنهم غير قليل، ثم عاد يقطر الماء الطهور من شعر رأسه!!... يتبع بإذن الله

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي