- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في الذكرى العاشرة للثورة
(8)
شعار "الحرب على الإرهاب"؛ السبيل لتثبيت حكم السيسي المعوج
بعد الإطاحة بحكم مرسي في 2013/7/3م والتي تم الترتيب لها بإحكام، طلب السيسي، في 2013/7/24م تفويضا من الشعب لمواجهة الإرهاب المحتمل، ورغم قيامه بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في 2013/8/14م بناءً على هذا التفويض بطريقة وحشية خلفت مئات بل آلاف القتلى من المعتصمين السلميين، إلا أن ردة الفعل الباهتة لاستنكار تلك المجزرة في الداخل والخارج، جعلت السيسي يدرك أن بوابة وصوله إلى السلطة واستمراره فيها بدعم غربي كبير هي أن يقدم نفسه للغرب باعتباره العصا التي سيستعملها الغرب في الحرب على الإسلام تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. ومنذئذ والحديث عن الإرهاب والإرهابيين في وسائل إعلام النظام لم ينقطع، وأصبح هذا اللفظ من أكثر الألفاظ تردادا على ألسنة حكومة الانقلاب والسياسيين المؤيدين له، ومن ثم أصبح هو شعار المرحلة على ألسنة مقدمي البرامج والإعلاميين الذين يشكلون أبواقاً عمياء للحركة الانقلابية.
في 2013/12/25م، أعلنت حكومة البيبلاوي، جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وذلك بعد يوم من مقتل 16 شخصا في تفجير استهدف مبنى مديرية أمن محافظة الدقهلية شمالي البلاد، وقد تم هذا الإعلان رغم أنه لم تثبت أية دلائل على صلة الجماعة بهذا التفجير، وعلى الرغم من إعلان جماعة ما يسمى بـ"أنصار بيت المقدس" مسئوليتها عنه.
وكان الدكتور حازم البيبلاوي قد أعلن ذلك عبر المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء بعد وقت قصير من التفجير مما يؤكد النية لاستغلال الحدث في اعتبار الجماعة جماعة إرهابية قانونا. كما قال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث باسم وزارة الداخلية في تصريحات صحفية في 2013/12/26م، إن وصف جماعة الإخوان المسلمين بجماعة (إرهابية) سيشمل الإعدام لمن يقود مسيرة لها (حتى إن كانت سيدة)، مؤكداً أن من يشارك في أي مسيرة تابعة لها سيعاقب بالسجن خمس سنوات، حسب قوله. وقد كان إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية هو محاولة لإرهاب كل من يتصدى لسلطة الانقلاب، وهو تنفيذ لنية مبيتة لمحاربة التيار الإسلامي كله ووصمه بتهمة الإرهاب.
وقد أعاد بروز هذا المصطلح على سطح الأحداث في مصر إنتاج نظام مبارك، الذي لم يكن يترك مناسبة إلا ويردد هذا المصطلح ويحاول أن يخوف العالم ويرعبه بوصم أصحاب المشروع الإسلامي به، سواء من كان يتبنى العمل المسلح منهم، أم من يتبع الوسائل السلمية بما فيها قبول الانخراط في العملية الديمقراطية، بل ظل يردد طوال فترة حكمه دعوة العالم لعقد مؤتمر دولي للحرب على (الإرهاب)، وعودة المصطلح بهذه الكثافة على الساحة المصرية كان محاولة من السيسي لاستعداء التيار الإسلامي كله وصناعة حالة من التخويف تجاه من يعمل للإسلام تماما كما كان يفعل مبارك، وكما فعلت أمريكا بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، عندما رفعت شعار (الحرب على الإرهاب)، وجعلت منه مبررا لاحتلال أفغانستان والعراق، ولقتل كل من يناوئها ويرفض السير في ركابها ممن سمتهم بـ(إرهابيي اليمن وباكستان). لقد أراد السيسي أن يتخفى أيضا وراء هذا الشعار فيقتل ويحرق ويعتقل ويصادر، دون رقيب أو حسيب، خصوصا في ظل قانون الطوارئ الذي تم فرضه والعمل به.
واللافت في الممارسات التي يقوم بها ورثة نظام مبارك أنها تتم تحت شعارات ثورية ترفعها أبواق الانقلاب الإعلامية، فيدعون أنه (لا مكان للإرهاب) في مصر، بينما هم يمارسونه صباح مساء، ويتشدقون بمقولة (نعم لدولة القانون)، وهم يتجاوزونه في جُلّ تصرفاتهم، ينادون بـ(دستور لكل المصريين) ويضعون فصيلا منهم في السجون، يطالبون بـ(عدم الإقصاء) بينما لا مكان لمن لم يعترف بما ترتب على ما أسموه بـ(ثورة 30 يونيو)، وهلم جرّاً...
وما زال الإعلام المصري الذي سيطر عليه السيسي يمارس التحريض على الإسلام تحت المسمى الموهوم نفسه (الإرهاب). فقد أصبح إعلاما موجها بتوجيه من المخابرات، حيث تم من اللحظة الأولى للانقلاب غلق كل قناة إعلامية قد يُشتمّ منها رائحة التحريض ضد الانقلابيين. ثم تمت السيطرة بشكل تام على كل وسائل الإعلام المسموع والمقروء والمرئي، فلا يقال أو ينشر إلا ما يريده النظام، وأصبحت تهمة نشر أخبار كاذبة مسلطة على رقاب كل من يكتب أو ينشر أي خبر أو معلومة ولو كانت مؤكدة مائة في المائة، إلا أنها ليست على هوى النظام. وأصبحت وسائل التواصل (الاجتماعي) مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية.
لقد ابتدأ السيسي نظامه برفع شعار (الحرب على الإرهاب)، واتخذ نهج سياسة تجفيف منابع (الإرهاب) مبدأً أصيلاً في سياسته، من خلال مناهج التعليم التي طالتها يد التبديل والتغيير، ومن خلال الأفلام والمسلسلات، التي عمل من خلالها على حشو عقول المشاهدين بنظرة سلبية عن الإسلام وحملة دعوته. بينما في المقابل يسبّح الإعلام بحمد السيسي صباح مساء.
كما قامت وزارة الأوقاف بالتضييق على المساجد وخنقها ما استطاعت إلى ذلك من سبيل، بل وغلق بعضها كما حدث لمسجد الفتح ومسجد رابعة ومسجد التوحيد، وتم التضييق على الأئمة والخطباء، وقد لجأت الوزارة إلى كتابة الخطبة للأئمة وإلزامهم بها كما هو جار في بلاد الحرمين، وقد سمعنا جميعا قرار الوزارة بمنع صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن ثمانين مترا، في سابقة جديدة لم تحدث حتى في عهد مبارك البائد! كما قام وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار بإصدار قرار بأن يكون الخطباء من خريجي الأزهر فقط. كما تم تحويل المدرسين المنتمين لتيارات إسلامية إلى وظائف إدارية، لا يكون فيها تعامل مباشر مع الطلبة، ولعدم قدرة الانقلابيين على إعادة الحرس الجامعي للجامعة الذي كان له دور بارز في ملاحقة الحركة الطلابية أيام مبارك في حربه على الإرهاب، قام الانقلابيون بإصدار أو تفعيل ما يسمى بالضبطية القضائية. كما تم فرض قانون الطوارئ الذي مكّن النظام القائم من قمع الناس والبطش بهم وإحداث حالة من الخوف والهلع في نفوسهم، ساعدته على الإمساك بالدولة وحماية النظام من السقوط، خصوصا وحالة الطوارئ تلك تتناغم والحديث عن حرب مقدسة ضد (الإرهاب).
سيكون طريق كشف القناع عن زيف فزاعة الإرهاب ومن يقف وراءها طويلا وصعبا، لأن الكثير من أبناء الأمة قد انجرف وراء فكرة أن من يقوم به هم أناس يحملون عقيدة الإسلام السياسي أصحاب لحى طويلة وثياب قصيرة ووجوه مكفهرة معقودة الحاجبين، وقد استطاع الإعلام المحلي والعالمي أن يكرس تلك الصورة النمطية عن الإسلاميين وكأنها أصبحت لازمة ملازمة لهم. وما يجب أن يعرفه الكثيرون أن كل هذا مقصود ومخطط له من القوى الدولية التي تخوض الصراع مع الإسلام وحملة دعوته، وأن من يقوم على تنفيذ تلك الخطط يتلقى الدعم الكامل من جميع القوى العالمية، في حين تدعي تلك القوى بأنها تدافع عن حقوق الإنسان وتناضل ضد الظلم في كل مكان من العالم. إنها تلك السياسة الخبيثة اللعينة التي تمارسها أمريكا وغيرها من دول الكفر في العالم؛ تصنع الإرهاب ثم تدعي في وقاحة أنها تحاربه، إنه المبرر لبقائها والدافع للحفاظ على أنظمة دكتاتورية ظالمة تدعي هي الأخرى أنها تحارب الإرهاب، وما فتئ النظام وسدنته في مصر يرددون تلك الجملة على مسامع الناس "لولا السيسي لتحولت مصر إلى سوريا أو ليبيا أو اليمن" كي يخيفهم ويرعبهم ويجعلهم يسبحون بحمد النظام الذي يحارب الإرهاب ويمنع مصر من أن تكون كسوريا! إنه التخويف والتخوين؛ التخويف من مستقبل قاتم إن وصل الإسلاميون إلى الحكم، وتخوين كل صوت ينتقد أو يعارض كل ما تقوم به السلطة الحالية من عمليات قتل أو قمع للمعارضين. فهل يمكن أن ينجح من يمارس الإرهاب ويصنعه أم سينجح من وقع ضحية له فلُوحق واعتُقل وعُذب ولكنه ظل صامدا مؤمنا بقضيته التي قام من أجلها وهي إيصال الإسلام إلى الحكم؟
إن هذا الواقع السيئ الذي فرضه الانقلابيون ومحاولة تصوير كل من يعمل لوضع الإسلام موضع التطبيق بالإرهابي الذي لا يريد خيرا لهذا البلد هو بلا شك عقبة يحاول الكافر المستعمر من خلالها تأخير حصول التغيير الجذري بإقامة الخلافة على منهاج النبوة في أرض الكنانة، وإن كان يعلم أنه لا يستطيع الحيلولة دون إقامتها، وإن غدا لناظره قريب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
الجزء الأول: اضغط هنــا
الجزء الثاني: اضغط هنــا
الجزء الثالث: اضغط هنـا
الجزء الرابع: اضغط هنـا
الجزء الخامس: اضغط هنـا
الجزء السادس: اضغط هنــا
الجزء السابع: اضغط هنـا
الجزء التاسع: اضغط هنـا
الجزء العاشر: اضغط هنـا
الجزء الحادي عشر: اضغط هنا
الجزء الثاني عشر: اضغط هنا
الجزء الثالث عشر:اضغط هنا
الجزء الرابع عشر:اضغط هنا
الجزء الخامس عشر:اضغط هنا
الجزء السادس عشر: اضغط هنا
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حامد عبد العزيز