- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في الذكرى العاشرة للثورة
(1)
الإصرار على استنساخ ثورة الـ25 من يناير والدوران في حلقة مفرغة
كانت تونس هي فاتحة الخير التي بها كسرت الأمة حاجز الخوف الذي ألجمها لعقود طويلة ظلت خلالها الأمة تعاني الظلم والقهر والطغيان، من خلال حكام رويبضات جثموا على صدرها ردحا من الزمن، إذا تكلم أحد قطعوا لسانه، وإذا رفع رأسه قطعوها، وإذا كتب بقلمه قصفوه له، فتسربلت الأمة بخوف شديد منعها من أن تقول للظالم أنت ظالم، فظهر وكأنها قد تودع منها، وفي لحظة ما ظن البعض أن هذه الأمة قد ماتت والسلام، فإذا بها تثور وتنتفض لتثبت للعالم أنها أمة حية لا تموت، قد تمرض ولكنها لا تموت.
لقد كان البوعزيزي الشرارة التي فجرت الثورة في تونس، لتلحق بها مصر واليمن وسوريا وليبيا، ليكون عنفوانها نبراسا لباقي شعوب الأمة، وأملا ينبعث في النفوس ليزلزل عروش الطغاة، فإذا كان أهلنا في تونس قادرين على إزاحة الطاغية بن على، فباقي شعوب الأمة قادرة على إزاحة طواغيتهم، وهم وإن تعددت أسماؤهم فطغيانهم واحد، وهم وإن تعدد أسيادهم فهم في العمالة سواء.
وبرغم نجاح الثورة المضادة في مصر في الالتفاف على ثورة الخامس والعشرين من يناير واحتوائها ومن ثم إجهاضها، إلا أنها لا زالت تشكل دافعا قويا لدى قطاع عريض من أبناء الأمة لعدم الخنوع والذل لما يراد أن يفرض عليهم من الغرب وعملائه في مصر، فقد استطاعت الثورة أن تكسر حاجز الخوف من طغيان السلطة وتَجبّرها تجاه أي معارضة حقيقية لها، ولا زال النظام كلما حلت ذكرى الثورة يجيش جيوشه ويفرض حالة من الاستنفار الأمني تخوفا من أي حراك يستلهم ذكرى الثورة وقدرتها على إرباك النظام الذي دفعه دفعا لأن يتخلى عن رأس سلطته، وفي هذه الأيام تحل الذكرى العاشرة لانطلاقة الثورة في ظل دعوات جماهيرية للنزول إلى الشوارع والميادين تطالب بإسقاط النظام.
وإنه وإن كان النظام أيام مبارك قد ارتكب من الآثام والخطايا والخيانات ما حفز الناس للاستمرار في التظاهرات حتى تم خلعه، فإن النظام الحالي قد فاق نظام مبارك في آثامه وخطاياه وخياناته. لقد تعامل النظام الحالي مع مشكلة سد النهضة بطريقة خيانية بانت للقاصي والداني أدت إلى التفريط في مياه النيل وسَوق مصر إلى التصحر والعطش، كما كان التنازل عن تيران وصنافير إلى السعودية خدمة مجانية لكيان يهود جعلت من مضيق تيران مياهاً دولية، وثالثة الأثافي ترسيم الحدود مع قبرص واليونان الذي أدى لضياع ثروات هائلة من النفط والغاز في مياه مصر الاقتصادية لصالح اليونان وقبرص وكيان يهود، ناهيك عن إخلاء سيناء من ساكنيها وإفراغها من أي تنمية حقيقية لصالح الكيان الغاصب، ولو عددنا خطايا النظام الحالي لاحتجنا لصفحات كثيرة مليئة بالخزي والعار من قتل وإخفاء قسري واعتقال لخيرة أبناء الأمة، ومن انهيار اقتصادي وديون متراكمة ستدفع ضريبتها الأجيال القادمة.
إذاً الدافع اليوم للحراك والعمل على إسقاط النظام أكبر بكثير مما كان عليه أيام المخلوع مبارك. لقد تم رهن البلد بالكامل لأمريكا التي هي أعدى أعداء الأمة، وأطلق النظام كلابه لتنهش في جسد الأمة وتتطاول على الإسلام وتهاجم أحكامه من خلال ثورة زائفة على الدين وأفكاره ومفاهيمه ورموزه تحت دعوى تطوير الخطاب الديني.
ولكن ما يجب أن يدركه كل ثائر مخلص وكل من يسعى لتغيير الواقع الفاسد، أن العمل للتغيير له طريقته التي يجب أن تتبع، وأن أهم شرط في طريقة التغيير أن تكون طريقة شرعية وبالتالي أن تكون عملية؛ أي من شأنها إحداث التغيير المطلوب على وجهه، وبالتالي فإن محاولة استنساخ ثورة الخامس والعشرين من يناير هي محاولة قاصرة ودوران في حلقة مفرغة، وإن استمرت الدعوات للنزول إلى الشارع كلما حلت ذكرى الثورة بهذا الشكل المستنسخ لما حدث قبل عشر سنوات ومن ثم عدم الاستجابة لتلك الدعوات أو النزول بأعداد قليلة يبطش بها النظام بمنتهى البساطة، إن استمرت تلك الدعوات دون أثر يذكر فقد يتسرب اليأس لنفوس تاقت للتغيير... وهذا ما يراهن عليه النظام، وبالتالي فهو المستفيد الأكبر من تلك الدعوات. وإنه لأمر غريب أن يتم التركيز على النزول في هذا اليوم بالتحديد ليعيد التاريخ نفسه، مع العلم أن النظام في هذا اليوم بالذات يكون على أتم استعداد وفي جاهزية للقمع والبطش والتنكيل والاعتقال لمن يشارك في تلك المظاهرات، فهو ينشر قواته في الشوارع وعلى مخارج ومداخل المدن والميادين بحجة تأمين الاحتفالات بالذكرى. ومن هنا لا بد من إعادة النظر في طريقة التغيير، كما لا بد من دراسة الواقع ومراجعة ما حدث منذ انطلاقة الثورة وحتى لحظة إجهاضها من خلال الثورة المضادة التي قادتها أمريكا من خلال المؤسسة العسكرية ذراعها الطولى في مصر، لنعرف مواطن الخلل ولتلافي تلك الأخطاء فيما هو قادم من عملية التغيير الحتمية. نعم فعملية التغيير حتمية وسيأتي اليوم الذي يتم فيه قلع هذا النظام من جذوره واستبدال نظام الإسلام به.
وسنتبع هذه المقالة بسلسلة من المقالات لتكون تلك السلسلة محاولة جادة لدراسة مسار الثورة منذ بدايتها في 25 يناير وحتى الآن للوقوف على الأخطاء التي وقع فيها الثوار والتي أدت لعودة النظام القديم ولكن بشكل أكثر شراسة من سابقه، حتى يكون العمل للتغيير عملا منتجا ومحققا الغاية منه وهو التغيير الجذري للنظام الرأسمالي الفاسد الذي يسيطر على البلاد واستبدال نظام الإسلام العظيم به؛ الإسلام الذي يشكل دين الغالبية العظمى من أهل مصر والذي فيه وحده الخير لكل من يعيش في ظله سواء أكان مسلما أم غير مسلم، ذلك النظام الذي عاشت في ظله الأمة الإسلامية ما يقارب ثلاثة عشر قرنا كانت فيه الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم وكانت الأمة الإسلامية هي الأمة الأولى في العالم. كما سنبين في نهاية السلسلة تلك كيف يكون التغيير الحقيقي الذي يجب أن يقوم به ليس أفراد بل يقوم به مع الأمة وبها حزب سياسي يكون مبدؤه الإسلام ويتمتع بوعي سياسي ولديه مشروع سياسي متكامل قابل للتطبيق ينطلق من العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من نظم وأحكام.
وعلى الله قصد السبيل.
الجزء الثاني: اضغط هنــا
الجزء الثالث: اضغط هنــا
الجزء الرابع: اضغط هنــا
الجزء الخامس: اضغط هنـا
الجزء السادس: اضغط هنـا
الجزء السابع : اضغط هنــا
الجزء الثامن: اضغط هنــا
الجزء التاسع: اضغط هنـا
الجزء العاشر: اضغط هنـا
الجزء الحادي عشر: اضغط هنا
الجزء الثاني عشر: اضغط هنا
الجزء الثالث عشر:اضغط هنا
الجزء الرابع عشر:اضغط هنا
الجزء الخامس عشر:اضغط هنا
الجزء السادس عشر: اضغط هنا
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حامد عبد العزيز