الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

في الذكرى العاشرة للثورة

(7)

من هم الذين أيدوا الانقلاب، وأين هم الآن؟!

 

ما حدث في 3 تموز/يوليو كان انقلابا بكل معنى الكلمة، ولكن هناك من الأحزاب والأفراد من كان يرى غير ذلك، فمنهم من وصفه بأنه (ثورة) أو (موجة ثورية جديدة)، أو استكمالا لثورة 25 يناير، ونحن هنا سنقف على من دعم أو أيد السيسي في حركته الانقلابية تلك، لنتبين واقعه والدوافع التي دفعته ليتخذ هذا الموقف، ومن ثَمَّ قوته على الأرض ومدى رصيده الشعبي في الشارع، وأين هو الآن؟ وهل تشكلت للسلطة الجديدة حاضنة شعبية حقيقية تقف معها وتدافع عنها، بل وتقاتل من أجلها؟ أو بمعنى آخر: هل هناك سند شعبي حقيقي للسلطة الجديدة، أم أن السلطة الجديدة تستند إلى قوة أجنبية فسندها سند غير طبيعي؟ ونحن هنا نحاول قراءة الواقع قراءة صحيحة لنتمكن من التعامل معه بالشكل الصحيح، ففي كل الحالات لا يمكننا الرضا به والسكوت عنه، لأنه يشكل سلطة تحكم من خلال نظام مخالف لنظام الإسلام في الحكم، وبالتالي فهو نظام يقوم على الحكم بغير ما أنزل الله، والحزب المبدئي الذي يريد إحداث تغيير في الأمة نحو الإسلام لا بد أن ينتقل من مرحلة التفاعل إلى مرحلة استلام السلطة، ووضع مبدئه موضع التطبيق، ولذا كان من الأهمية بمكان فهم واقع ما حدث، وفهم ما عليه السلطة القائمة الآن، وما هو سندها. فمن هم مؤيدو الانقلاب؟

 

1- حزب النور:

 

تشكل حزب النور بعد ثورة 25 يناير مباشرة وبرغم عمره القصير إلا أنه استطاع أن يحصل على 22% من الأصوات في انتخابات مجلس الشعب حينها، مما جعله الحزب الثاني بعد حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين الذي حصل على 44%، إن حزب النور بتلك النسبة شعر في نفسه بالقوة، وهي قوة غير حقيقية وإن استندت إلى تأييد قطاع لا بأس به من المتدينين الذين رأوا فيه حزبا إسلاميا يرفع شعار الإسلام بمنهج سلفي يتبعه كثير من المتدينين، خصوصا وأنه يظهر سمتا إسلاميا في لحية طويلة وثوب قصير، ولكن بمرور الزمن تبين لهذا القطاع من الناس أن هذا الحزب قد انخرط في العمل السياسي ببراغماتية فاقت براغماتية الإخوان المسلمين، وأنه أراد أن يسوِّق نفسه ليرضى عنه العلمانيون، ويكون أكثر إقناعا لأمريكا بأنه ربما يشكل بديلا مناسبا عن الإخوان، إنها براغماتية جديدة، براغماتية ملتحية؛ ولذلك نستطيع أن نقول إن حزب النور في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، قد فقد الكثير من مؤيديه الذين كانوا يساندونه ويرون فيه حزبا إسلاميا يسعى لتطبيق الشريعة.

 

كان جلوس جلال مرة رئيس الحزب خلف شيخ الأزهر وبابا الأقباط أثناء تلاوة السيسي لبيان الانقلاب الذي أسقط حكم الإخوان، إسقاطاً أيضا للظهير الشعبي لحزب النور، الذي قد تعرضت بعض قواعده أو مناصريه للكثير من المضايقات في الشارع المصري لسمتهم الإسلامي الذي أصبح رمزا للإرهاب، الذي أراد السيسي تفويضا مزيفا من الناس لمحاربته. لقد خسر حزب النور الكثير في خضم تأييده للانقلاب، وهو الآن مجرد مقرات منتشرة في الكثير من المحافظات، مرفوع عليها لافتات تحمل اسمه وبعض من يحملون بطاقات عضوية، لكنه فقد الحاضنة الطبيعية له وهي الأمة، فشريحة كبيرة من أتباعه لا يمكن أن نضعهم في صف الانقلابيين، فقد شاركوا في اعتصامات رابعة والنهضة، وهم في الحقيقة مناهضون للانقلاب وغير مؤيدين له.

 

سُمح لحزب النور بالمشاركة بعضو في لجنة الخمسين التي وضعت دستور ما بعد الانقلاب، كما شارك في انتخابات مجلس الشعب التي أعد لها قادة الانقلاب، وحصل على بعض المقاعد، ولكنه لم يحصل على أي منصب وزاري في أية حكومة بعد الإطاحة بالدكتور مرسي، وقد دعم ترشح السيسي للرئاسة في الدورتين حتى وصل السيسي لكرسي الرئاسة، ولكن ماذا بعد؟ ما هو الدور الذي يريد أن يلعبه حزب النور في النظام القادم؟ الواضح أن لا دور له الآن ولا في المستقبل، وهو مجرد شاهد زور في منظومة خربة تعادي الدين كنظام حياة وترضى به معزولا في المسجد مفصولا عن الحكم والسياسة، وقد انسلخ من البقية الباقية له من قشور الشريعة التي يدعي رفع لوائها؟ وسيحين الوقت الذي يحل الحزب نفسه بنفسه عندما ينتهي دوره المرسوم له.

 

لقد كان الحزب ولا يزال شاهد زور على الانقلاب، مارس طقوس التسبيح بحمد النظام العلماني ليل نهار، بل بارك الحملات الأمنية التي شنها النظام على معارضي النظام، ولم يرف له جفن وهو يرى بأم عينه التنكيل والاعتقال والقتل والإخفاء القسري لمعارضي النظام الجديد.

 

2- حركة تمرد:

 

ظهرت تلك الحركة في الوسط السياسي المصري في 26 نيسان/أبريل 2013م، وحظيت من اللحظة الأولى لتأسيسها بدعم ظاهر ومعلن من حركة كفاية وجبهة الإنقاذ والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 أبريل، كما فتحت نقابة المحامين لها مقراتها على مستوى الجمهورية، لتلقي الاستمارات الموقعة من المواطنين التي تطالب بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، والأكثر من ذلك حظيت بدعم خفي من الجيش وكل مؤسسات الدولة، كما تلقت دعما ماليا كبيرا من دولة الإمارات.

 

أراد من سعى لتأسيسها استعمالها في إسقاط حكم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ولذا رأينا مؤسس الحركة من ضمن الذين كانت لهم كلمة موجزة يوم تلاوة بيان الانقلاب في 7/3، وهو بيان أُعد من قبل سلطة الانقلاب الجديدة، وبرغم مشاركة شخصين من الحركة في اللجنة التأسيسية لتعديل الدستور في مشهد هزلي ينبئ بما سيكون عليه الدستور المعدل من تفاهة غير مسبوقة، برغم تلك المشاركة من الحركة في اللجنة التأسيسية فليس لها ظهير شعبي مستديم، ولا تملك أفكارا يمكن أن يلتف الناس حولها، وهي تشبه إلى حد كبير ورقة المناديل التي تستعمل لمرة واحدة ثم يلقى بها على الأرض. لقد أدت الحركة ما كان عليها أن تقوم به، ثم كان مصيرها الذوبان، ولم يعد لها أي أثر في الوسط السياسي المصري.

 

3- جبهة الإنقاذ:

 

صحيح أنها تتشكل من 35 حزبا وحركة وجمعية سياسية، ولكن أغلبها حركات وأحزاب صغيرة ليس لها وزن باستثناء حزب الوفد، الذي برغم شهرته وقدمه في العمل السياسي، إلا أنه أيضا لا يملك قاعدة شعبية تمكنه من تحريك الشارع في الاتجاه الذي يريد، كما أنه لم يستطع الحصول سوى على 39 مقعدا في مجلس الشعب المنحل، وهو عدد بسيط بالنسبة للحديث عن عراقة وقدم الحزب في الحياة السياسية المصرية. ناهيك عن حزب الدستور الذي كان يرأسه الدكتور البرادعي الذي عين نائبا لرئيس الجمهورية بعد الانقلاب، ومن ثم استقال وغادر مصر بعد اعتراضه على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والحزب أيضا ليس له ذلك الرصيد الشعبي، وأما التيار الشعبي الذي يرأسه حمدين صباحي، والذي لم يستطع الحصول سوى على 6 مقاعد في مجلس الشعب، فهو وإن سمى نفسه تيارا فهو ليس ذاك التيار الجارف ولا حتى الشعبي، وحصول رئيسه صباحي على ما يقرب من خمسة ملايين صوت في انتخابات الرئاسة 2012م، لا يشكل دليلا على شعبية جارفة تمكنه من تحريك الشارع، فعدد كبير ممن أعطاه صوته الانتخابي رأى فيه بديلا مناسبا عن المرشح الإخواني محمد مرسي، ومرشح الفلول أحمد شفيق، ويعد وقوفه مع السيسي وحتى إعلانه في وقت سابق دعمه لترشح السيسي لرئاسة الجمهورية ثم تراجعه عن ذلك وقوعا سياسيا أفقده تأييداً شعبياً، وأما باقي الأحزاب المنضوية تحت جبهة الإنقاذ فهي تعد أحزابا وحركات ورقية تم الإعلان عن وجودها دون أن تشكل واقعا فعليا ملموسا في الحياة السياسية، كحزب الجيل، وحزب مصر المستقبل، وحزب السلام وغيرهم. وقد ذهبت الجبهة بأحزابها إلى غير رجعة بعد أن قامت بدورها ولم يعد لها مكان، سوى ما يقوم به حزب الوفد وحزب الدستور والأحرار كمساحيق تجميل لنظام قبيح لا مكان فيه للمعارضة الحقيقية.

 

4- حركة 6 أبريل:

 

رغم أن تلك الحركة كان لها أثر كبير في إثارة الشارع المصري ضد حكم مبارك، خصوصا في أحداث 25 يناير، إلا أن الحركة تعرضت للانشقاق والتشرذم، خصوصا بعد توجيه اتهامات لها من قبل المجلس العسكري أنها تحرض الشعب ضد الجيش وتتلقى أموالاً ودعماً خارجياً، فقد انشقت إلى ما يسمى بجبهة أحمد ماهر، والجبهة الديمقراطية. والحركة بانحيازها للانقلاب الذي قام به وزير الدفاع للانقضاض على حكم مدني كانت تطالب به الحركة، وإصرارها على عدم تسميته انقلاباً ولا ردة على الحكم المدني، قد فقدت الصفة الثورية التي كانت تتمتع بها، وهذا الأمر زاد الانشقاق داخل الحركة وزاد من وتيرة الخروج منها، وبالتالي لا يعول عليها كثيرا في المرحلة القادمة التي يحتاج الانقلابيون فيها إلى زخم شعبي يرضى بكل ما يعرض عليه من تبريرات، ولن تستطيع الحركة جر مناصريها للدفاع عن حكم عسكري يطل برأسه بقوة.

 

ولو انتقلنا من الأحزاب والتيارات والحركات الداعمة للانقلاب إلى الأفراد والشخصيات العامة التي تتغنى بما حدث في 6/30، وتصفه بالثورة أو الحركة الثورية المكملة لثورة 25 يناير، فلن نجد شخصيات بارزة من المفكرين وأصحاب الرأي، بل سنرى جيشا من الإعلاميين المرتزقة المتلونين، الذين يبيعون كل شيء بعرض من الدنيا قليل، إلى جانب زمرة الفنانين والفنانات والمطربين والمطربات والراقصين والراقصات الذين هم من سقط المتاع، ومعروفة مواقفهم السابقة من ثورة 25 يناير، فقد تحولوا بعد نجاحها بقدرة قادر إلى ثائرين وثائرات! وهؤلاء كما قلنا هم من سقط المتاع ولا يعول عليهم كثيرا في تثبيت أركان الانقلاب. وبرغم ما نراه من تأييد ظاهر للسيسي عند كثير من الناس، إلا أن الذي يبدو لنا أن سند هذا الانقلاب لا يمكن اعتباره سندا شعبيا حقيقياً، بل إن سنده هو سند أمريكي.

 

مما لا شك فيه أن الشارع الآن يفتقد للقيادة الواعية التي تدير حركته، ليس فقط لإسقاط الانقلابيين ومشروعهم، بل لتقوده قيادة فكرية وسياسية واعية لنظام الإسلام الذي تقام من خلاله دولة قوية، تستطيع أن ترعى شئون الناس رعاية صحيحة وتقود الأمة لتكون بحق خير أمة أخرجت للناس، وتجعل من نفسها الدولة الأولى في العالم، وتسقط الهيمنة الأمريكية على مصر وغيرها من بلاد المسلمين، وليس لها سوى حزب التحرير فهو من يمتلك مثل تلك القيادة ولديه مشروع سياسي متكامل جاهز للتطبيق.

 

 

الجزء الأول: اضغط هنــا

 

الجزء الثاني: اضغط هنــا

 

الجزء الثالث: اضغط هنـا

 

الجزء الرابع: اضغط هنـا

 

الجزء الخامس: اضعط هنـا

 

الجزء السادس: اضغط هنــا

 

الجزء الثامن: اضغط هنــا

 

 الجزء التاسع: اضغط هنـا

 

الجزء العاشر: اضغط هنـا

 الجزء الحادي عشر: اضغط هنا

 

الجزء الثاني عشر: اضغط هنا

 

 الجزء الثالث عشر:اضغط هنا

 

الجزء الرابع عشر:اضغط هنا

 

 الجزء الخامس عشر:اضغط هنا

 

الجزء السادس عشر: اضغط هنا

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حامد عبد العزيز

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع